فجأة ، وعلى غير المتوقع خرج علينا الأسبوع الماضي – بهدوء تام – من يعلن في صحافتنا المحلية أن المكرمة الملكية لصاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله بشأن إعادة بناء البيوت الآيلة للسقوط قد توقفت ، وأن تبعيتها التي تنقلت من مكان إلى آخر ، بدءً بوزارة الأشغال والإسكان ثم وزارة البلديات ثم المؤسسة الخيرية الملكية قد انتهت . وأن الموضوع برمته أو – للدقة – البيوت الآيلة للسقوط التي مازالت على قوائم الانتظار وعددها (2500) بيت قد تم نقلها بقرار من مجلس الوزراء إلى بنك الإسكان الذي سوف تسمح شروطه ومعاييره لإعطاء القروض بمنح من تقل رواتبهم عن (500) دينار قرضاً يمكنه أن يهدم بيته ويعيد بنائه شخصياً . علماً بأن هذه المكرمة التي مضى عليها مايقارب الست سنوات لم تنته حتى الآن من بناء (1000) بيت آيل للسقوط .
بمعنى آخر أن أحلام الفقراء وأصحاب الحاجة والعوز الذين حفت أقدامهم و( تمرمطوا ) من أجل أن توضع بيوتهم في قائمة الانتظار ؛ قد تبخرت وتبددت ، وصاروا الآن يضربون أخماساً في أسداس ، ليس بسبب وقف تنفيذ المكرمة فحسب ، وليس بسبب ما لاقوه من ( تشحطط ) و( تمرمط ) يقترب في كثير من جوانبه إلى حدّ التسوّل ، ليس بسبب ذلك فحسب ، وإنما تحويلهم إلى بنك الإسكان ليقترضوا منه ، ويبنوا بيوتهم على حسابهم الخاص أو – للدقة أيضاً – من رواتبهم ومداخيلهم المهترئة أصلاً ، والتي ( يادوب تمشّي حالهم ) . بالطبع المتقاعدين والأرامل والمطلقات حالتهم أسوأ .
وحتى نعرف حجم المشكلة ، يكفينا أن نعرف أن الحد الأقصى للقروض الممنوحة من بنك الإسكان ويُعطى لأصحاب الرواتب التي تزيد عن ألف دينار ؛ هو قرضاً قدره (40) ألف دينار ، وهو قرض – مثلما يعرف الجميع – لاتبني قيمته بيتاً ولاتشتري به أرضاً . وبالتالي كم سيكون القرض الممنوح لهؤلاء ( المساكين ) الذين تقلّ رواتبهم عن (500) دينار ؟! وماذا سيفعلون به ؟!
الخبر المقتضب الذي تم نشره بدون احتفالية ( ممقوتة ) اعتدنا على بهرجتها وتسليط الأضواء عليها حتى لو كانت كالسراب الذي كلما اقتربنا منه لم نجده شيئاً ؛ أشار هذا الخبر إلى أن القرار جاء بعد دراسة وافية نتأمل أن يتم نشرها وبيان أسباب تعثر تنفيذ هذه المكرمة السامية والدواعي التي أفضت إلى وقفها وتحطيم آمال كل هؤلاء المنتظرين ( المتمرمطين ) وعدد بيوتهم يقارب الـ (2500) بيت .
علماً بأنه في شهر سبتمبر الماضي نشرت صحفنا المحلية أن وزير شؤون البلديات قام بزيارة لمدينة المحرق تفقد خلالها عددا من المنازل المدرجة ضمن مشروع البيوت الآيلة للسقوط فيها، وذلك في إطار حرص الوزارة على متابعة سير عمل المشروع . وجاء ضمن تصريحه بمناسبة هذه الزيارة إن وزارته قامت باتخاذ مجموعة من الخطوات الهادفة للإسراع من وتيرة تنفيذ المشروع من خلال زيادة عدد الشركات الإنشائية وتعيين شركات استشارية ودعم الطاقم الفني وإنشاء نظام الكتروني لإدارة المشروع ورفع بدل الإخلاء وزيادة مساحات الغرف وعددها وزيادة نماذج البناء وصولا لتحقيق أعلى مستويات الرضا عن المشروع لدى المواطنين .. ياترى : هل يستقيم هذا التصريح مع أن يأتي لنا بعد شهرين فقط من يقول لنا أنه تقرر وقف تنفيذ هذا المشروع ، بل أن هناك دراسة وافية تم إجراؤها تقرر على إثرها وقف تنفيذه ، هكذا بكل بساطة لاتشابهها إلا بساطة هذا الكم الهائل من التصريحات عن المشروعات الإسكانية وعن هذه البيوت الآيلة للسقوط ، وماشابهها من مشروعات خدمية ومرفقية تبقى غالبها حبيسة الأوراق والأحبار ، مفتوحة الآجال والآماد . بدون خطط ولا استراتيجيات ، أقصد خطط واستراتيجيات واقعية قابلة للتنفيذ ، لها ميزانيات وجداول زمنية معروفة ومحددة .
سانحة :
في عصر يوم الجمعة الماضي نظمت الجمعيات السياسية ( المعارضة ) مسيرتها التي حملت عنوان ” من أجل الديمقراطية ” وبعد انتهائها أرادوا تعريفنا أكثر بكنْه ومفهوم هذه الديمقراطية ، فانتشروا في عدة مناطق – ومنها المحرق – يستخدمون الأدوات السلمية لهذه الديمقراطية .. سد طرق وحرق إطارات وحاويات قمامة وأسياخ حديد وما شابه .. نحاول أن نصدّق أو نفهم فلا نستطيع !!