نافذة الجمعة

كبش الفداء

الكَبْش في المعاجم اللغوية يحتمل ثلاثة معانٍ ، أولها وأشهرها هو فَحْلُ الضأْن في أَي سِنٍّ كان . وثانيها حجرٌ كبيرٌ يوضع في وجه الحائط دريئةٌ له . وثالثها آلةٌ من آلات الحرب كانت تستعمل في الحِصار لقذف الحصون . وجمعها يأتي في صيغة كباش وأكباش وأكبش وكبوشة .

وأما فِداء التي مصدرها فادَى وفدَى ، فهي تحتمل معنيان : أولهما : ما يقدّم من مال ونحوه لتخليص أسير أو غيره ” كأن يُقال ” دفع أهل الغلام مبلغاً كبيراً من المال فداءً له “. وثانيهما : ما يُقدَّم لله جزاءً لتقصير في عبادة ككفارة الصوم، أوالحلق أولبس المخيط في أثناء الإحرام .

والجمع بين هاتين الكلمتين في عبارة ” كَبْش الفِداء ” صار بمثابة الاصطلاح المتعارف على أن يكون معناه هو شخص يُعاقب بذنب غيره أو شخص يُلقى عليه مسئولية أخطاء الآخرين أو مَنْ يُعاقب ليكون عِبْرةً لغيره.

ويرجع أصل استخدام هذا المصطلح من أيام نبي الله سيدنا إبراهيم عليه السلام وحادثة الكبْش الذي افتدى به الله سبحانه وتعالى سيدنا إسماعيل ” وَفَدَيْناهُ بِذَبْحٍ عَظِيْم ” ، وأصبحت سنته ملازمة للمسلمين حتى يومنا هذا في عيد الأضحى المبارك . كما ورد ذكر مثل هذا المصطلح في العهد القديم عن بعض العادات التي تتلخص بأن بعض القبائل تقوم بتقديم كبش تحمله كل خطاياها وتدفع به إلى البراري ضمن طقوس معينة . كما أن اليهود يصفون بها المسيحيين بصورة رمزية صلب عيسى بن مريم لتحمله خطايا البشرية .

غير أن هذا المصطلح ” كَبْش الفِداء ” تطورت في عصرنا الراهن استخداماته خاصة في عالم السياسة حيث أصبح أيضاً أداة مقايضات وصفقات يُفتدى لأجل تحقيقها بـ ( أكْباش ) ربما تكون غالية وثمينة يجري تحميلها مسؤولية قانونية أو أخلاقية عن أخطاء لم يرتكبوها ، لكنها يُضحّى بها ويخسر الناس نفعها وفائدتها .

وتدور في ساحتنا المحلية في هذه الأيام ، بعد صدور تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق أحاديث كثيرة ويتناول البعض في مجالسهم توقعات وإشاعات تتعلق بـ ” كَبْش أو أكباش فِداء ” سيجري تقديمها والتضحية بها في مسلسل تراجعات وتنازلات لايعلم أحد متى نصل إلى حلقته الأخيرة من أجل إرضاء من لايرضى ، بينما يُفترض على الدولة أن تحافظ على رجالاتها وأبنائها وتعزّهم وتقدّرهم خاصة بعدما أفرزت الأحداث المؤسفة التي مرّت بنا المواقف وصقلت المعادن التي يجب ألاّ يُفرّط بها في سوق أضاحي ربما تكون عملية البيع فيها خاسرة.

سانحة :

يقولون في أمثالنا الشعبية : لكل ساقط لاقط .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s