هو مصطلح يمكننا أن نطلقه أو نستشفه في الحالة المصرية اليوم حيث ( اشتطت ) الأحزاب والقوى السياسية في سقوف الديمقراطية التي تطالب بتحقيقها في مصر الجديدة ، مصر مابعد الثورة حيث خاضت حملاتها الانتخابية وهي تطالب بنظام حكم برلماني ينصاع لمخرجات صناديق الاقتراع ونتائجها التي بناء عليها تتشكل الحكومة وتتحدد رئاستها .
الدعايات والفعاليات والأدبيات الانتخابية لمرشحي تلك الأحزاب لم تكد تخلو من المناداة بهذه الديمقراطية والدعوة لإقامة نظام برلماني يقوم فيه الحكم على هذا الأساس ، وأن يُنصّ على ذلك في الصياغة الجديدة للدستور . بل إن بعض تلك الأحزاب استحضرت في حملاتها الانتخابية نصوصاً واضحة من برنامجها ووثائق تأسيسها ، مثل حزب الوفد الذي جاء في برنامجه الصادر في عام 1978 حيث ورد في الجانب السياسي للدولة ” على أن يكون نظام الحكم جمهوريا برلمانيا، رئيس الدولة فيه يملك ولا يحكم، وأن يكون حكما بين السلطات وليس مالكا لها “
حزب المصريين الأحرار، وهو الحزب الليبرالي الذي يقود تحالف الكتلة المصرية في الانتخابات ، هو الآخر لم تخرج مطالباته عن مثيله حزب الوفد ، فالنظام البرلماني هو خيارهم ومنتهى ما يدعون إليه وعلى رأس برامجهم الحزبية والانتخابية .
غير أن كل هذه الدعوات والمطالبات ( المتحمسة ) قد تبخرت وتغيرت بمجرد فوز الإسلاميين بالنصيب الأوفر في المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية ، إذ انخفضت أسقف الديمقراطية وتراجعت المطالبات الواسعة لنظام الحكم الذي نادوا به في برامجهم وحملاتهم الانتخابية ، وصاروا يطالبون بنظام رئاسي مختلط أو نظام شبه رئاسي أو نظام رئاسي برلماني مختلط ، يعتي ( نص نص ) وأعتقد أنه لولا الخجل لطالبوا حتى بعودة حكم الرئيس مبارك ، لا لشيء سوى رغبتهم في أن يقطعوا الطريق على الأغلبية البرلمانية ( الإسلاميين الفائزين ) ولا يسمحوا لهم بالتفرّد في تشكيل الحكومة الجديدة . وذلك في صورة فاضحة للممارسة الديمقراطية التي يتبجح الليبراليون بها ، ليل نهار حتى إذا ما جاءت نتائج الانتخابات على غير هواهم ولفظتهم صناديق الاقتراع أو قللت من حظوتهم ؛ انقلبوا على الديمقراطية نفسها وتخلّوا بكل يسر وسهولة عن مبادئهم وبرامجهم .
هذا المشهد تكرر سابقاً في تركيا حينما تدخل العسكر لينهي حكومة نجم الدين أربكان رحمه الله وكذلك في الجزائر حينما تدخل الجيش للقضاء على فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، وفي فلسطين حينما انقلبت السلطة الفلسطينية على فوز حماس وتم محاصرتها في غزة والتواطؤ مع الدولة اليهودية ضدهم ، وبالطبع ليس بعيداً أن يتكرر هذا المشهد في بلدان أخرى إن جاءت نتائج الانتخابات على غير مايشتهون .. فهذه الديمقراطية الليبرالية .
سانحة :
بحرينيون في لندن ، ولندنيون في البحرين ، والجميع يترقب ويسـأل : ماذا يجري خلف الكواليس ؟!