راصد

طلعوا أنتو منها .. بتنْصِلح

لا يمكن أن نصدّق أن هؤلاء الأمريكان والبريطانيين الذين يتناوبون هذه الأيام على زيارة وطننا العزيز ، هم دعاة إصلاح وحمائم سلام يتملكهم القلق على حقوق الإنسان وينتابهم الشعور بالخوف على الديمقراطية أو الحريات المدنية والدينية . عدم تصديقنا لادعاءاتهم إنما هو بسبب أعمال الخزي والعار التي لطخت تاريخهم منذ نشأة دولهم واستمرت معهم كسياسة كيد وخبث ودهاء جلّ ما تسعى إليه مصالحها ، وفقط .

وتمارس هذه الدول عندنا ، بلا خجل أو حياء أدوار  المصلحين  والمحبين لنا ، فتارة يبكون على حقوق الإنسان وأخرى يتحسرون على الضحايا والمصابين وأخرى يستنكرون ما يسمونه الاستخدام المفرط للقوة وأخرى يدعون إلى نبذ العنف وأخرى يطالبون بالحوار والمصالحة وهكذا يخرج علينا الأمريكان والبريطانيون في هذه الأيام بلباس الحمْل الوديع الذي تقلقه مسألة الانتهاكات والتجاوزات ويتفطّر حزناً وأرقاً على الإصلاحات والحريات وحقوق الإنسان بينما العالم وذاكرة الشعوب ، بالذات العربية والإسلامية تعرف جلّادها وجزّارها الحقيقي ، الذي يغتصب بلدانها و( يعربد ) فيها ويعيث بمقدّراتها وشعوبها قتلاً ودماراً واحتلالاً ونهباً واستنزافاً . لا يمكننا أن ننسى القتلى وفواجع الأيتام ومآسي الثكالى التي صنعتها – ولا زالت – وخلّفتها آلة الفتك والدمار الأمريكية والغربية في العراق وفلسطين وأفغانستان والصومال وغيرها من بلداننا  ، ولا تغيب عن الأذهان آلة وسلاح ( الكابوي ) الأمريكي ودوي آلاته من طائرات وبوارج وصواريخ دكّت حتى الخرائب والكهوف وأبادت قرى بأكملها ودفنت الناس وهم أحياء تحت أنقاض بنيانهم وبيوتهم من دون أن ترفّ لهم عين أو ينهض فيهم أي إحساس ومشاعر تجاههم أو تجاه مظاليم غوانتنامو أو أبوغريب أو تورا بورا تقنعنا بمصداقية تحركاتهم وحرصهم علينا أو على حياة البشر من غير بني جنسهم .

في الأسبوع الماضي زار البحرين وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ألستير بيرت وظهر علينا في مؤتمر صحفي قال فيه : ” أنه يجب أن يترك للبحرين تحديد مصيرها بنفسها من دون تدخلات من الخارج ” ولم ينته الأسبوع ذاته حتى تبعه نائب وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر الذي زار البحرين وظهر علينا هو الآخر في مؤتمر صحفي ، قال فيه : ” نحن مستعدون لمساعدة الدولة وكذلك أطراف المجتمع المدني بما يجدونه مناسبا لكننا واضحون في هذا الاتجاه أن القرار يعود للبحرينيين قيادة وشعبًا باعتبار أن مستقبل البحرين يملكه البحرينيون فقط وليس أطراف خارجية “

وأعتقد أنه بات من الضروري أن نسمع هؤلاء المتربصين والمتآمرين أننا طالما بقينا لوحدنا فإننا بخير ولله الحمد ، ولسنا في حاجة إلى خدماتهم ولا مساعداتهم التي نعرف أنهم لايقدمونها لله أو لأجلنا أو لسواد عيوننا أو من أجل الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من المصطلحات التي من الأولى أن يبحثوا لها عن تراجم ومعان ٍ في بلدانهم ومغامراتهم قبل أن يبشروا بها عند الآخرين . بمعنى آخر ؛ لو كان زوار البحرين ، هؤلاء ، من الأمريكان والبريطانيين صادقين في دعواهم (أنه يجب أن يترك للبحرين تحديد مصيرها بنفسها من دون تدخلات من الخارج ) فإن هذه النصيحة نعيدها إليهم ونوجهها لهم : طلعوا أنتو منها .. بتنصلح .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s