راصد

هل تبقى مجرّد اسطوانة مكرّرة ؟!

أتمنى من كل قلبي أن نسمع في نهاية هذا اليوم أن القمة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، التي تنعقد أمس واليوم في مدينة الرياض قد تفتّق عنها مفاجأة لم تكن في وارد الحسبان ستنقل دول وشعوب المنطقة إلى مرحلة الوحدة المنصوص عليها في نظام تأسيس المجلس الصادر في 25 مايو 1981م  ، والذي جاء فيه أن المجلس ” يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها ” .

( خاطرِي ) أن تقطع في مساء هذا اليوم إذاعات وفضائيات دول مجلس التعاون الخليجي الأغنية الموسمية الشهيرة ” خليجنا واحد ، وشعبنا واحد ، ومصيرنا واحد ، يعيش يعيش ، الله أكبر ياخليجنا ” ويظهر علينا عبر الأثير من يقول : فعلاً ؛ لقد تقرّر اليوم أن خليجنا الآن سيكون واحداً .

غير أن الأماني والطموحات شيء والواقع شيء آخر ، ربما يكون مريراً ومحزناً ، ذلك أن هذه القمم أصبحت موسماً تتضاعف فيه آلامنا وتنفتح خلاله جراحنا بعد أن صار الخليج وطن جمعنا على الخريطة الجغرافية لكنه في الحقيقة عجز بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على إنشائه عن  توحيد دوله أو إقامة حتى أي مشروع وحدوي متكامل ناجح فيما بينها رغم ما تمتلكه تلك الدول من مقومات وروابط هائلة للوحدة ، ورغم كثرة الدوافع والأسباب لإقامة هذه الوحدة فيما بينها .

( خاطرِي ) أن تكفّ الآلة الإعلامية اليوم عن ترديد اسطوانتها ( المشروخة ) عن هذه القمم كأن تقول عنها إنها ( استثنائية ) أو تصفها بـ ( تاريخية ) أو أنها تنعقد في (ظروف بالغة الأهمية ) أو ما شابهها من كلمات رنّانة مكرورة نسمعها في كل عام من دون أن يُرى لها أثر ملموس في واقع الشعوب الخليجية يتناسب مع استخدام مثل هذه المصطلحات والعناوين التي لم يعد من المفيد التعويل عليها أو التسويق لها في ظل متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى حَفِل بها العام 2011م أعادت رسم الخريطة من حولنا وشكّلت أحداثها علامة فارقة في تاريخ الشعوب والأمم ، لا ينبغي أن تبقى دولنا وقممنا الخليجية في معزل عن التأقلم معها والارتقاء إلى مستوى الحدث فيها ، فتغادر ( رتابة ) الاجتماعات ( المجدولة ) والمعدّة نتائجها مسبقاً ، وتتخلى عن البيانات الختامية المصاغة سلفاً ، وتنتقل مباشرة إلى اللقاء والحوار حول مستقبل دولهم وشعوبهم في هذا الوقت الذي يموج بمتغيرات لاتسمح لهم بالتأخير أو استدعاء المجاملات أو السماح بمماطلات تضيع عليهم فرصة حماية شعوبهم وثرواتهم ومقدّراتهم ومكتسباتهم ، وتُلجم أية أطماع شرقية أو غربية في خليجهم الذي يحمّلهم اليوم أكثر من أي وقت مضى مسؤولية صونه والدفاع عنه ، وعدم تركه لقمة سائغة لعدوّ متربص أو حليف غادر .

سانحة :

خلال الأيام القليلة الماضية ؛ لانملك أمام بعض التصرفات والمظاهر والاحتفالات الناقصة الحياء والفاقدة الإحساس ، وبعضها منقول – للأسف – على فضائيتنا ، إلا أن نرفع أكفّ الدعاء ” ربّنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا ، ربنا إنك غفور رحيم

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s