حاولت طوال الفترة الماضية ألاّ أخوض في مسألة تمديد الدوام المدرسي رغم الإلحاح غير الطبيعي من القراء الكرام الذين يبدون معارضتهم له بصورة تجعلنا في حيرة للتعرف على مؤيديه أمام هذا الزخم من الاعتراض ! امتناعي كان هو لأني مؤيد لأي فكرة أو توجه ينتج عنه استثمار أوقات أبنائنا فيما ينفعهم ويعود عليهم بالصالح لحاضرهم ومستقبلهم ، وليس أفضل من التعليم ساحة للاستثمار الحقيقي للوقت والمال . وأحسب أن الاعتراضات لاترفض التمديد لذاته إنما غالبها يتحفظ على عدم وجود البيئة المدرسية المناسبة في الوقت الحالي ووفق الإمكانيات المتاحة ، وهي مهما قلنا عنها فإنها تبقى متواضعة أمام أية مقارنات نجريها مع أمريكا أو أوروبا أو اليابان أو ما شابهها من بلدان جرى الكلام عنها بشأن تقليدهم في الدوام المدرسي .
ومع كامل احترامنا وتقديرنا للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم وجهودهم في إقناع أولياء الأمور والرأي العام بجدوى ومزايا هذا التمديد إلاّ أن الحماس قد أخذ أبعاداً ربما مبالغ فيها للترويج أو محاولات الإقناع حيث تركز في كون هنالك هدراً في الوقت اللازم للتعلم ، بل قرأنا تصريحاً قيل فيه أن الطالب في البحرين يخسر ما يقارب الثلاث سنوات دراسية من الفترة اللازمة للدراسة !
وقد استوقفني كثيراً هذا الكلام ، ودفعني للرجوع إلى أرشيف مقالاتي وتوثيقاتها حيث أنني كتبت في 8 أكتوبر 2008م موضوعاً عن الإجازات الدراسية المسكوت عنها أشرنا فيه إلى أنه قد نشأت خلال الأعوام القليلة الماضية في مدارسنا إجازات غير رسمية جرى شبه اتفاق على إمضائها أو السكوت عنها أو أن تكون مدارسنا خلالها شبه فارغة . وذكرنا أنواعاً من هذه الإجازات التي نسمع عن ما يشبه الشلل الذي يصيب المدارس بسببها ، مثل إجازات ما قبل العطل الرسمية ، وإجازات مابين العطل الرسمية ، وإجازات تتعلق ببعض المناسبات الدينية ، وإجازات ما قبل الامتحانات ! وأوضحنا أن هذه الإجازات تأكل الكثير من أيام العام الدراسي .
لم تمض بضعة أيام على نشر موضوعي حتى جاءنا ردّا من وزارة التربية والتعليم بتاريخ 14 أكتوبر 2008م تطمئننا فيه أن أيام التمدرس الفعلية كافية ، بل فيها فائض ، حيث ذكرت في ردها علينا أنها حريصة على ألا يقل العام الدراسي عن (180) يوماً دراسياً تطبيقاً لنص المادة (11) من القانون رقم 27 لسنة 2005 بشأن التعليم التي تنص على : ” يصدر الوزير اللوائح والقرارات اللازمة لحسن تنفيذ السياسة التعليمية وعلى الأخص بالنسبة لتحديد مدة السنة الدراسية على ألا تقل عن مائة وثمانين يوماً دراسياً بالنسبة لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي ، وموعد بداية العام الدراسي ونهايته ، وإقرار المناهج ونظم التقويم والامتحانات ” وبينت أن ” ما يتحقق على أرض الواقع لأيام التمدرس أكثر من ذلك، وعلى سبيل المثال خلال العام المنصرم تم تحقيق حوالي (19) يوما دراسيا إضافياً ” . وعلى ذلك – بحسب فهمي المتواضع – لاتوجد أية مشكلة تتعلق بخسارة أو هدْر أوقات دراسية بالحجم الذي يقولون به الآن .