راصد

الدفاع عن هوية وانتماء

كلّ الأسف والحزن أن معظم برامجنا  أو استراتيجياتنا – إن وُجدت –  صارت تعتمد على ردّات الفعل وترقيع الخروق ولاتأخذ بالمبادرات ولا تمسك بالزمام وليس في وارد اهتمامها أن تكون في مركز صناعة الفعل وتوجيهه ، ليس بسبب أن هذا هو المفروض وإنما – على الأقل – استفادة واعتباراً من الأحداث المؤسفة التي مرّت على وطننا العزيز ، ولاتزال بقية فصولها تجري أمام نظرنا .

بل صارت كلمة ” استراتيجية ” كلمة يجري تردادها للاستهلاك الإعلامي أو ” بيع الهواء ” لاتغادر في مضامينها مسألة تقديم خدمات إسكان أو إنشاء طرق أو إنارة أو مجاري أو ماشابه ذلك مما لاننكر أهميته رغم أنها خطط واستراتيجيات مفتوحة الآجال والآماد وكثير منها لايخرج عن الورق المكتوب عليه .

الأحداث والتطورات الجارية من حولنا هي مفصل هام ، لا يتعلق بتغييرات سياسية فحسب وإنما صار هذا المفصل يتعلق بهوية وانتماء لازلنا نصرّ بمحض إرادتنا عن تغييب الاهتمام بها ، ليس إصرار إيران على ذبح مشروع الاتحاد مع عمقنا الخليجي والعربي وتنظيمها لمظاهرات معارضة في عاصمتها ومطالبتها بضم البحرين لها واعتبارها المحافظة الـ (14) للجمهورية الإيرانية إلاّ صورة واحدة من صور هذا الخطر النائمين عنه ، ناهيك عن تحركاتها الواسعة في كل اتجاه لتثبيت تسمية الخليج العربي بالخليج ( الفارسي ) .

كان المفروض أن هذه الأحداث وهذه الصور كانت كما الجرس أو المسمار الذي نبّه وأيقظ وشحذ الهمم لأن يضع الأمور أو المشكلة في نصابها الصحيح ويعتبر أن مايحدث هو في نتيجته مساساً بهوية وانتماء ينبغي عدم التفريط فيها ، وتبعاً لذلك ستقوم الدولة بإعادة النظر في برامجها وتوجهاتها فيما يتعلق بالمحافظة على هذا الركن الأساسي فيما تخوضه من دفاع عن البحرين . كان هذا هو ( العشم ) وقد تضاعف الخطر على الهوية وتضاعف وتجاسر وقفز من مرحلة السكون أو ” اللف  والدوران ” ليجري التصريح به والمطالبة به علناً .

   الهوية والانتماء مسألة مصيرية ، دونها خرط القتاد ، لكننا غافلون عن إحيائها بالصورة الصحيحة والدفاع عنها كما ينبغي ، وغرسها كثقافة لدى أبنائنا وأجيالنا عن عروبة البحرين وانتمائها الإسلامي ، نأسف كل الأسف أن نقول أن مناهجنا وبرامجنا تفتقد إلى زرع هذا التاريخ وينقصها الحرص على إبراز فصول تاريخية هامة تثبت عروبة وطننا العزيز وهويته ، ومن ثم تلغم بالحجر كل من تسوّل له نفسه التشكيك في ذلك . حتى حينما تم إنشاء وزارة للثقافة لدينا ؛ جمعت كل جهدها ونشاطها فيما هو بعيد عن هذا الهدف ، بل استجمعت قواها لتمرير نوع غريب من الثقافة هو أقرب إلى ( المسخ ) الذي لاصلة له بالمدلولات المعروفة للثقافة فضلاً عن اغترابه وبعده عن قيمنا وعاداتنا ، ولم تأبه تلك ( الربيعات الثقافية ) لمواجهة حرب الهوية والانتماء . والأغرب أننا لم نتخلى عن هذه الثقافة ، ثقافة ( الهشّك بشّك ) حتى ونحن في أمس الحاجة إلى تغييرها وحشد طاقاتنا وإمكانياتنا لأمور أولى وأهم وأكثر جدوى .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s