راصد

أين يذهب خريجو الثانوية ؟!

اليوم أوغداً أو ربما الذي بعده سيجري إعلان نتائج الثانوية العامة ، وسيجد الآلاف من أبنائنا الطلبة أنفسهم ومعهم أولياء أمورهم على أعتاب مرحلة جديدة من سني أعمارهم ، يتوجب عليهم تحديد مسارها بقرارات في منتهى الدقة والحساسية لأنه سيترتب عليها مستقبلهم وموقعهم في قابل أيامهم . هم على موعد إما بالدخول إلى سوق العمل أو الالتحاق بالجامعات لاستكمال دراستهم فيما يُسمى التعليم العالي وما ينتج عنه من حصولهم على الشهادات العليا من بكالوريوس وماجستير وحتى دكتوراه.

على أن هذين الخيارين المفترضين ؛ يعتري كل منهما مشكلات ومخاطر جمّة تجعل هؤلاء الخريجين على درجة لا يُحسدون عليها من القلق والترقب الذي يتضاعف أكثر فأكثر عند أولياء أمورهم الذين أنفقوا وبذلوا من جهدهم ووقتهم وأموالهم على مدار اثني عشرة سنة انتظاراً لهذه اللحظة الفارقة في حياة أبنائهم .

أما سوق العمل فأغلبنا بات يعرف أن شهادة الثانوية العامة ( ماتأكل عيش ) في مؤسسات القطاع الخاص ، وإن وُجدت وظائف تناسب مؤهلهم فهي من الوظائف الدنيا ، راتبها لايكفي خمسة أيام من الشهر ، ولايغطي قيمة بترول السيارة ولا ( أبيال ) كهرباء وهاتف . والأمر لايختلف بالنسبة للقطاع العام الذي صارت أكثر وزاراته ومؤسساته تشترط مؤهل الثانوية العامة لوظائف في مستوى مراسل أو سائق أو ماشابهها ، وفقط .

وأما الخيار الآخر ، وأعني الالتحاق بالجامعات ؛ فهي معضلة أخرى لازالت الدولة عاجزة عن حلّها حيث أن جامعة البحرين – وهي الجامعة الرسمية الوحيدة – غير قادرة على قبول هذه الآلاف من الخريجين بسبب قلة طاقتها الاستيعابية وبالتالي تقتصر على قبول أصحاب مجاميع الدرجات العالية لتبقى أمام أكثر الخريجين الجامعات الخاصة المصابة في سمعتها وكفاءتها وأهليّتها بعدما حصل ماحصل على مدار الأعوام القليلة الماضية من تجاذبات وعقوبات واتهامات بينها وبين مجلس التعليم العالي أخذت غير منحى المعالجات للمسائل الداخلية لتخرج إلى العلن ، ومن خلال وسائل الإعلام بصورة أضرّت – ولازالت – بسمعة التعليم العالي وهزّت صورته في البحرين وخارجها . ليكون وفقاً لذلك أكبر الضحايا الآن إنما هم الطلبة على وجه الحصر والقصر . سواء من تخرّج منهم ولم يتم الاعتراف بشهادته حتى الآن أو من لايزال يتلقى دراسته فيها دون أن يعلم بمدى اعتمادية شهادته والتصديق عليها بعد التخرّج ، وهم بالمناسبة أعداد ليست قليلة تصل معاناتهم إلى حدّ الأنين . أذكر أن أحدهم اتصل بي قبل بضعة أشهر قلقاً ومحرجاً ومنزعجاً ليس بسبب الخوف من عدم الاعتراف بشهادته فحسب وإنما خوفه وحزنه من ردة فعل والديه الذين استدانوا ودفعوا من ( تحويشة ) أعمارهم ليدرّسوه في الجامعة على حسابهم الخاص دون أن يتوقعوا أن الشهادة الجامعية التي سيحصل ابنهم عليها غير معترف بها ، وكأنها لم تكن !!

كنا نتمنى على مجلس التعليم العالي أن يتمكن من حلحلة هذه المعضلة فيخرج علينا في الأسبوع الماضي بما يردّ – ولو شيئاً يسيراً – من الاعتبار لتلك الجامعات الخاصة ، ليس على حساب الكفاءة والمستوى ، ولكن أعتقد أن عدة سنوات من المشكلة كانت كفيلة بإتمام معالجتها والانتقال بها من مرحلة المناكفة – إن صحّ التعبير – إلى مرحلة الأخذ باليد للحلّ والإصلاح على نحو يحفظ للمجلس رؤيته وحرصه ويحفظ لأصحاب تلك الجامعات حقوقهم واستثماراتهم ، ويعيد للتعليم العالي الخاص سمعته ومكانته كرافد يعين جامعة البحرين ورافد من روافد البناء والتنمية في وطننا الحبيب . والأهم من ذلك أننا تمنينا أن يعلن مجلس التعليم العالي فتح القبول والتسجيل في جامعاتنا الخاصة بدلاً من أن تبقى على هذا النحو الذي أعلن عنه مجلس التعليم العالي مؤخراً من عدم السماح بقبول طلبة جدد في عدد ليس قليل من البرامج الأكاديمية في مختلف الجامعات الخاصة ومنها جامعة غير مسموح بقبول طلبة فيها إطلاقاً ، في كل برامجها !

محنة خريجي الثانوية العامة تتضاعف : فلا أسواق العمل بالقطاعين العام والخاص قادرة على ضمّهم واستيعابهم ، وطاقة الجامعة الرسمية الوحيدة لاتستوعبهم ، والبعثات لاتغطي إلاّ نسبة قليلة منهم ، والجامعات الخاصة ، كما ترون وتقرأون وتسمعون .

سانحة :

نرجو أن لايفجعنا أحد بأن المؤسسة الفلانية أو الخبير الفلاني من سنغافورة أو تايلند أو فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرهم من الشرق أو الغرب  سيتم الاستعانة بهم لعلاج تعليمنا العالي وإسناد مهمة الإصلاح والحل والتقييم والتطوير لهم . فخراب تلك المؤسسات وخبراءهم لا يخفى على أحد ، وما جرى في ( البوليتكنك ) جدير بالاعتبار وجدير بنا أن نعود للمعاني السامية والحِكَم الفاضلة التي سطّرها أجدادنا في أمثالهم الشعبية كقولهم ” ماحكّ جلدك مثل ظفيرك ” .

رأي واحد على “أين يذهب خريجو الثانوية ؟!

  1. أخي الكاتب، أتفق معكم في بعض النقاط، وأختلف في البعض الآخر:
    1. نعم، خريجي الثانوية ليس أمامهم إلا خيار واحد بالأحرى، لا خيارين، فمن فضل العمل على مواصلة الدراسة فقد جنى على نفسه وحطم مستقبله بيديه. مع أنه للأسف، فإن هناك العديد من الأسر التي تعيش (تحت خط الفقر) وتنتظر ابنها أو ابنتها لتتخرج من الثانوية حتى تحمل قليلا من عبء الأسرة، لكنني مازلت أرى أن العمل قبل الحصول على البكالوريوس هو حل قصير المدى، فلا بد للمسؤوليات أن تتعاظم، وحامل الشهادة الثانوية لن يجد أمامه الفرصة للترقيات في عمله للتواكب مع تعاظم المسؤوليات مع مرور الأيام. كان الله في عون هؤلاء.
    2. التعليم العالي! بصراحة، ولا أعلم السبب، أحترم التعليم العالي كثيرا، أقولها بكل جدية وليس من باب السخرية أو الاستهزاء. التعليم العالي كشف المستور وأعتقد إنه حاول كثيرا لإصلاح المكسور. أخوي، آنه لسبب أو لآخر متابعة لموقع هيئة ضمان الجودة، موقع محترم و updated باستمرار، يتم تحديثه بتقارير عن الجامعات. أدخل على التقرير، أجوف لستة من التوصيات اللي يقترحاها التعليم العالي بعد زيارته للجامعة وتقييمها. بعد فترة، أرد أدخل الموقع، أجوف تقرير لزيارة تتبعية، يجوفون هل الجامعة نفذت التوصيات أو لا؟!
    من رايي المتواضع إن التعليم العالي يسير في درب صحيح، يمكن يحتاج لبعض التعديلات أو التقويم بين الفينة والأخرى، لكنه بشكل عام موفق في خطواته.
    3. انيي حق الجامعة اللي وقفوا فيها القبول (في جميع برامجها)، يا خوي، والله ثم والله، أذكر لما كنت في الثانوي، رفيجتي يات تقول لي إن عندها أخت في الجامعة هذي وأختها كانت مريضة قبل الامتحانات، شسووا؟ دزت الخادمة حق الدكتور عشان يعطيها الأسئلة، شهالجرأة؟!
    4. جامعة البحرين وطلبتنا: جامعة البحرين يتراوالي إنها تقبل أعداد لا بأس بها، لكن ياخوي ما يصير يقبلون ناس معدلاتهم أقل من 70. باقولك، هل في جامعات (محترمة وغير تجارية) في أي دولة من العالم تقبل ناس معدلاتهم منخفضة؟ أخوي الناس قدرات، اللي فعلا حاول واجتهد وهذي مقدرته يتراوالي إنه يستحق إنه يدخل الجامعة، لكن اسمح لي الطلبة إللي جوفة عيونك فالشوارع والمجمعات ما يعرفون من الكتاب إلا غلافه فهذيلا الشره على أهاليهم اللي مخلينهم مرعى وقلة صنعة فلا يتباكون لين طلعت النتايج وطاح الفاس بالراس، لأن التربية موب فلوس وأكل وبس، التربية عوار قلب وملاحق درس ما درس فهم ما فهم؟
    5. الحل الوحيد هو إن يفرضون قيود على أسعار الجامعات الخاصة عشان ما تتحول حق محلات تجارية.
    6. على قولتهم، أي واحد يه من برع سموه “خبير”، بليز يا وزارة التربية، كفاية خبراء!

    وبالله التوفيق.

    إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s