يُقال أن البحرين جزيرة يحيط بها البحر من جميع الجوانب والجهات ، هذا هو وضعها الجغرافي الذي تعلّمناه منذ طفولتنا في المدارس ، وتبعاً لذلك فإنه يُفترض أنها تتمتع بما نراه في كثرة من جزر العالم التي تتـــلألأ فيها الرمــال البيضـاء والذهبية وتتمايل على جنباتها الأشـــجار والأزهـــار المختلفة وتلتحم ميــاهها مع روائع الطبيعة الغنَاء فتتحوّل إلى سواحل ومناطق اصطياف واستجمام تستقطب المواطنين والمقيمين والسيّاح خاصة أثناء لهيب حرارة الصيف . هكذا يُفترض لولا أن واقع الحال عندنا يُفصح بصعوبة الحصول على ساحل واحد يصلح للاستمتاع بمناظره ورماله فضلاً عن السباحة فيه !!
التصريحات والتوجيهات كثيرة عن إنشاء أو تطوير أو فتح سواحل لكنها في الغالب تبقى حبيسة الأدراج أو لصيقة بالأحبار التي كُتبت بها حيث أن بحارنا وشواطئنا قد فقدت جمالها ونضارتها واختفت النظافة من سواحلها وصارت أقرب ما تكون لأماكن للمخلفات والأنقاض ومراتع للقاذورات دون أن يتحرك أحد من الجهات المسئولة لإعادة الاعتبار لبلد كانت معروفة فيما مضى من الزمان بالريادة في بحارها والعيش من خيراتها قبل أن يجير عليها الدفان والإهمال . في حين أن بعض البلدان تتمنى أن يكون لها مطل ولو من جهة واحدة على البحر لتحوّله إلى ( مزار) لايكاد يغادره المواطنون والسائحون من روعته وجماله وخدماته ومرافقه !
من يستطيع أن يقنعنا أن ما يُسمى ببلاج الجزاير في حالته الراهنة هو ساحل يستحق أن نضعه في مصاف السواحل التي يمكن اللجوء إليه غير لجوء المضطرين ، رغم أنه قبل ثلاثة أو أربعة أعوام ( لافرق ) تم الإعلان عن مشروع كبير لتطويره ، ولكنه على مايبدو ذهب مع أدراج الرياح . ساحل الحوض الجاف بالمحرق لايقلّ سوءاً وإهمالاً عن بلاج الجزاير ، منظره لا يسر أحد .
حتى لانظلم ( بختنا ) ونبخس حق الصور والمشاهد التي يجري عرضها في التلفزيون ؛ فإن هنالك سواحل وشواطيء أخرى في البحرين هي في غاية الروعة والجمال لكنها إما سواحل خاصة أو منتجعات تجارية يصعب دخولها والاستئناس بها خاصة على ذوي الدخل المحدود والمتوسط ، الذين ما أكثرهم ! ولا يجدون لهم من بحار بلدهم إلاّ ماترونه من سواحل نادرة ، وسيئة في نظافتها ، وخالية أو سيئة في مرافقها وخدماتها لا لشيء سوى أن الترويج السياحي في وطننا العزيز قد أهمل ( سالفة ) الاهتمام بإمكانياتنا الطبيعية من السواحل والشواطىء الآخذة في التدهور والتقلّص ووجّه جلّ الاهتمام بأنواع أخرى للسياحة لا تخصّنا واكتشفنا مؤخراً عدم جدواها وتماشيها مع القيم والأعراف المرعية في المملكة .
سانحة :
قال تعالى : ” وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولاتتبعان سبيل الذين لا يعلمون “.