راصد

تسهيل الإجراءات والمعاملات

تفاعل عدد من القراء الكرام مع مانشرته يوم الخميس الماضي في عمودي المتواضع حول أثر الخدمات الإلكترونية في الجهات الحكومية ومدى انعكاسها على تيسير الإجراءات وتبسيط المراجعات حيث شاركوني الرأي في ضرورة البحث عن سبل وأساليب تتغلب فعلياً على البيروقراطية وتتخلّص من المعاناة و( المرمطة ) الحالية ، وبالتالي يمكن الاستناد أو القول بأن هنالك خدمات إلكترونية اختصرت الإجراءات ويسّرت على الناس إنهاء معاملاتهم دونما حاجة لحالة الازدحام الراهنة ، خاصة في الوزارات والجهات الخدمية ، طوابير وأرقام ، ومواقف سيارات مزدحمة ، ومناضد ومكاتب تغصّ بالأشخاص و… إلى آخره  مما يمكن أن تكتشف أن جزءاً كبيراً من المراجعين إنما هم زبائن شبه يوميين يتابعون ويستعطفون وينتظرون بطاقة أو ترخيص أو رسالة أو إفادة أو ماشابه ذلك مما لايعرفون موعداً للانتهاء منها ، إذ لا يوجد وقت ومواعيد محددة للإنجاز ! ويستتبع ذلك أن ترى أغلب الشوارع المؤدية لوزارات ومؤسسات الخدمات مزدحمة طوال النهار ، كلها وقت ذروة ، لافرق بين بداية الدوام ونهايته . وبالطبع مواقف السيارات أمام هذه الجهات مأساة أخرى تفوق الوصف ، تتضاعف مرات أخرى عند ربطها بلهيب درجات حرارة الصيف .

ذكرت فيما سبق ، قبل بضع سنوات ، حادثة – لابأس من إعادتها –  أخبرني بها أحد الطلبة الدارسين في إحدى الدول الغربية أن بعض الإجراءات التي تصادف قيامهم بها عن طريق الاتصال بالجهات الرسمية هناك ، عادة ما تكون عند مقارنتها بما يجري عندنا  بمثابة غرائب أو عجائب الدنيا ! دقة مواعيد ، احترام والتزام ، جودة وإتقان ، تعامل وأخلاق ، وأشياء أخرى كثيرة تجعلنا منبهرين و( متسمّرين ) نتأسف ونندب حظنا العاثر ، ونتمنى مثلها أو شيئاً منها .

يقول هذا الطالب إنه احتاج هناك في إحدى المّرات للاستئذان أو طلب رخصة لعمل شيء ما ،  ذهب إلى جهة رسمية في منطقته ، ملأ استمارة معينة ، أخبروه أنه كان يمكنه الحصول عليها عبر ( النت ) من دون مراجعتهم ثم أخبروه أن الرد سيأتيه من خلال بريده الإلكتروني حتى لايتحمّل عناء الرجوع إليهم وحدّدوا له مدة ثلاثة أيام لاستلام الرد ( الكترونياً ) . يقول الطالب في ثالث يوم اتصل به مندوب من هذه الجهة وأبدى اعتذاره الشديد لأنه توجد في استمارة الطلب معلومة لم يتمكنوا من فهمها بدقة بسبب الفرق بيني وبينهم في استخدامات ألفاظ لغتهم ، وأنهم يعتذرون لأنه كان المفترض أن يتأكدوا ويسألوا عنها عندما قمت بملء الاستمارة في البداية عندهم ، ووعدني بعد أن أوضحت له المعنى أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لإرسال الرد اليوم في بريدي الإلكتروني أو في بداية صباح اليوم التالي . ولم يغلق الهاتف إلا بعد أن أحرجني من كثرة اعتذاره حتى أني من فرط انبهاري بهذه المعاملة الحضارية الرائعة لا أتذكّر ماذا قلت له حينها !! لم يقف الأمر عند هذه الحدود وإنما عاد هذا الموظف فاتصل بي في اليوم التالي ليتأكد من استلامي الإلكتروني للرد ويكرّر اعتذاره عن التأخير ( لاحظوا أن التأخير يوم واحد ) .

وأترك للقراء الكرام المقارنة ، خاصة الذين يقودهم حظهم لتخليص معاملاتهم بأنفسهم في عدد من دوائر الخدمات ليكتشفوا أن وضعاً ليس من المناسب استمراره في ظل تطورات إدارية وتقنية على مستوى العالم ، بالرغم من أننا نقرأ في كثير من الأحيان عما يسمونه التميز أو الجودة أو جوائز عربية أو أقليمية أو دولية يتم الحصول عليها هنا ، نهنيء الفائزين بها لكنها كلها تبقى غير ذات قيمة مجتمعية طالما أنها لاتسهم في بث الشعور لدى المواطنين والمقيمين بأن هنالك ثمة إنجازات حقيقية – وليست إعلامية أو دعائية – يتلمسونها في واقع معيشتهم وتخليص معاملاتهم وتصريف مراجعاتهم وتسهيل إجراءاتهم وتجويد سائر الخدمات المقدمة لهم .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s