راصد

بحرينيون في سوريا

شئنا أم أبينا فإن ما قام به مؤخراً الإخوة البحرينيون الأعزاء من تقديم يد العون والمساعدات إلى أهلنا داخل سوريا ؛ إنما هو عمل يشرّفنا ويرفع رؤوسنا ، وهو مدعاة لأن يفخر به الأسوياء من الناس ، من أصحاب الضمائر الحية غير الملوّثة بأمراض وأحقاد تُغطّي ماجُبلت عليه النفس البشرية من مشاعر وأحاسيس لا يمكنها أن تصمد أو تأخذ موقف المتفرّج أمام شلاّل الدماء المهراقة في بلاد الشام حيث يُنحر المسلمون فيها كما تُنحر الشاة ويجري حرقهم وهم أحياء ، في واحدة من أبشع مجازر التاريخ ،  قد لا يماثلها في دمويتها إلاّ مافعله المغول والتتار عند غزوهم لديار الإسلام .

وسواء قام هؤلاء  البحرينيون بهذا العمل الجليل بصفتهم الشخصية أو النيابية أوالقضائية أو الحزبية ، وسواء مثّلوا مؤسساتهم أو جمعياتهم ، وسواء بصفة رسمية أو غير رسمية ؛ فإن كل ذلك غير مهم ، ومن أراد أن يعزف على هذه الأوتار لحسابات خاصة به فذك شأنه الذي لا ينتقص من نبْل وسمو أي عمل إنساني يجري تقديمه الآن لأهلنا في سوريا انطلاقاً من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم  “المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويرد عليهم أقصاهم ، وهم يَدٌ على من سواهم ” واتساقاً مع قيم التكافل وواجبات النصرة التي مرجعيتها لاتحدّها قوانين وأنظمة صارت فجأة على مدار الأيام القليلة الماضية مدعاة للالتزام بها وأصبحت كما ( النُسُك ) أو ملاذاً يدندن عليه من ساءهم أن تمتد أيادٍ بحرينية كريمة وشريفة لمساعدة أهلنا في سوريا إزاء محنتهم ومظلمتهم ومقتلتهم التي فاقت حدود الوصف والخيال والاحتمال . وأحسب أنه من المحزن والفاضح جداً أن تتكشف أقنعة طائفية وتتساقط أحقاد فئوية على هذا النحو أو العزف بالإنكار تارة وبالاعتراض تارة وبالتحريض تارة أخرى .

البحرينيون – ليسوا للتو – وإنما منذ عقود وعقود ؛ إنماهم أهل نصرة ونخوة ومروءة ، لهم هبّات وفزعات ، ولهم أدوار كريمة ومواقف مشرّفة في دعم ونصرة قضايا الأمة الإسلامية ، وهم بالرغم من ضعف مداخيلهم ومستوياتهم المعيشية إلاّ أنهم لايتوانون عن تقديم الغالي والنفيس ولا يتأخرون عن الدفع بعزيز أموالهم لإخوانهم أصحاب الحاجة والعوز ، سواء لكوارث أو مجاعات أو مجازر ومذابح ، كانوا كذلك في فلسطين وأفغانستان والصومال والشيشان والبوسنة والهرسك وغيرها من بلاد الله الواسعة التي كان أمثال هؤلاء البحرينيين أياد بيضاء وسفراء خير ورسل رسموا أفضل الصور والانطباعات عن شعب البحرين .

وغني عن البيان أن أنظمة – وليس شعوب – الدول العربية والإسلامية قد هانت على أنفسها وتراجعت شهامتها وشجاعتها وباتت عاجزة عن أن تقوم بما ينبغي عليها تجاه قضايا أمتها ، ويكفي للتدليل على ذلك عندما وقف قبل أيام قليلة السيد وقار الدين ممثل مسلمي بورما أمام مندوبي الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي وناشدهمالتحرك من أجل نصرة مسلمي بورما وإنقاذهم من الإبادة الجماعية التي يتعرّضون لها حتى أنه أجهش في البكاء وهو يناشدهم دون أن يتحرّك فيهم ساكنا تفرضه واجباتهم الإسلامية فضلاً عن الأخلاقية . وبالتالي فإن الشعوب هي المعوّل عليها .

          فإلى من اعترض و(ذبح روحه ) اعتراضاً على زيارة هؤلاء البحرينيين لسوريا هوّنوا على أنفسكم فزعتكم وابحثوا لكم عن زائرين آخرين يدعمون الإجرام في حق الإنسانية وليس الإسلام فحسب ، وابحثوا لكم عن مجالات أخرى تنتصرون فيها لقوانين وأنظمة يجري انتهاكها ، بل ودوْسها . بدلاً من هذه الغضبة ضد مساعدة الشام التي وردت في أهلها وفضلها أحاديث عظيمة منها مارُويَ عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنه سَمِع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول : “إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فرساً وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين”.

سانحة :

توجد في الاهتمامات والأولويات علاقة طردية بين المستوى العلمي والأخلاقي والكفاءة من جهة وبين الشكليات والألقاب و( التوافه ) من جهة أخرى ، حيث نقص الأول والفشل فيه يتبعه اهتمام متزايد بالثاني والعكس حينما ترتفع المستويات والكفاءات تتضاءل عندهم تلك التوافه . وقد ترجم الشاعر المعروف أبو الطيب المتنبي جانباً من ذلك في قوله :

وتعظم في عين الصغير صغارها   وتصغر في عين العظيم العظائم

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s