نافذة الجمعة

التخصص في الخبال والاستهبال

فيما مضى من الزمان ، قبل عدّة عقود من الآن ، كان التمثيل والفن المسرحي في البحرين وسيلة من وسائل التعبير والتثقيف ، كان للآباء والأجداد من رجالات البحرين وقادة الفكر والثقافة صولات وجولات معروفة فيه ، يعرضون من خلاله آراءهم ويناقشون قضاياهم ويطرحون رؤاهم ويعالجون مشكلاتهم ، يسمع لهم الناس ويتفاعلون معهم حتى أن جمهورهم كان في غالبه من النخبة أو الحريصين على الثقافة والمعرفة ، وذلك قبل أن يجور الزمان على أنواع عديدة من النمط العام لحياتنا الفكرية والثقافية فينال هذا النوع من الوسائل الهادفة والمتميزة البلى والإهمال والتراجع فيُصار إلى أن يُستبدل التمثيل والفن المسرحي إلى نظرة مشوهة من الأداء والقصة أو الفكرة والسيناريو لأعمال ضعيفة جوفاء خالية المضمون ، فقيرة من الأهداف ، صيغت فقط كمجرد كلام على الفاضي ، مبني على أساس السخرية والاستهزاء و( سرقة الضحكات ) واستعراض للأجساد والرقصات وكذلك يلفها الصراخ والتهريج ، ويغلب على الأداء فيها التكلف والتصنع ، ويكثر فيها السخف والابتذال إلى درجة جعلت الحركة المسرحية عندنا أشبه بالتجارة التي تُدار برؤوس الأموال عن طريق تجار مسرحيين ومنتجين همهم الأول تحقيق الأرباح المادية على حساب الحركة الفنية ، وحتى على حساب العادات والقيم المرعية ، وذلك بعد أن كانت مجالاً ومنبراً ثقافياً وسياسياً واجتماعياً رحباً .

ولايحتاج المرء للتدليل على هذا التغير السيء سوى أن يتابع أي عروض فوق خشبات المسارح سواء كانت مسارح أهلية أو فرق فنية حيث سيشعر بالأسى والألم على ما وصل إليه حال التمثيل والمسرح من تدنَ في المستوى وانعدام للأهداف الحقيقية التي وضع من أجلها المسرح ، حاله في ذلك حال كثير من الأنماط التي يُفترض أنها تشكّل الهوية والانتماء ومفخرة للبلد ؛ تحوّلت إلى مايُشبه المسْخ غير المعروف له لون أو طعم أو رائحة . فهاهي ثقافتنا جرى اختطافها لصالح أنشطة وفعاليات لاعلاقة لها أصلاً بالمفهوم الصحيح والمتعارف عليه للثقافة فضلاً عن استمرار اغترابها عن قيم وعادات وتقاليد البحرين . وسبقتها السياحة التي استحوذ عليها سوق النخاسة والدعارة بحيث صار وطننا العزيز مكبّاً لهذه القاذروات والأوساخ . وهاهو التمثيل والمسرح يتخصص في إبداع أدوار الاستهبال والخبال و( التشدّخ ) حتى أخذ أو انتشر أو عُرف على المستوى الإقليمي .

سانحة :

لا تتعلق بشئ فكُلنا ذاهبون ، وإن أحببت فأحبّ بصمت، فلا داعي للجنون فما الحياة سوى مطار ، فيه قادمون و مغادرون .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s