في القاموس اللغوي ؛ لايوجد لها أصل معتبر يمكن أن يُعتدّ به ، لكن أجراها البعض على وزن : تَغَافْلَ بمعنى يتغافل عن حقيقة ، وإسْتَغْفَلَ : يتظاهر بالتغافل . فقالوا نفس الشيء في : تهابل : يتهابل عن حقيقة . أي أن الاستهبال : هو التظاهر بالهبل !غير أن كلمة الاستهبال ؛ بالرغم من عدم دقة أصلها اللغوي إلاّ أنها أصبحت تعبيراً اجتماعياً شهيراً لاتكاد تخلو منه المفردات المجتمعية السائدة خاصة في الأوساط التي يجري فيها الاستخفاف بعقول الناس أو حقوقهم أو يُتسلّط عليهم بدون وجه حق أو أن يكون لدى تلك الأوساط والمجتمعات قابلية لقبول الاستهبال والرضا به مثلما أخبرنا المولى عز وجل في قرآنه الكريم عن قصص السابقين ” فاستخفّ قومه فأطاعوه “.
إخواننا المصريون من أكثر الناس إبداعاً في أمثلتهم الشعبية ، ولم يفتهم استخدام مفردة ( الاستهبال ) في تلك الأمثال . من ذلك قولهم ” ربنا مايحرمك من الهبل ” وهي تعبير فيه نوع من السّب عندما يتغابى عليهم شخص أو يتصنّع لهم الغباء أو يدّعي أمامهم السذاجة. ويقولون أيضاً “رزق الهبل على المجانين” . دخل هذا المصطلح أيضاً غمار السياسة من أبواب كثيرة ، فاستخدمته – الاستهبال – الحكومات ومعارضيها في التعامل مع الشعوب ظنّاً منها ببلاهتها وضعف عقولها ، وبرز استعماله على نطاق واسع للتغطية على فعل ما يخاف من فعله في العلن .
ولذلك من يتتبّع بعض الأحداث أو (الفزعات ) التي تجري من حولنا أو يقرأ بعض تصريحات هنا أو هناك أو يسمع عن خطب ومسيرات وتصعيدات تصرف ( بوصلة ) الاهتمامات وتحرف الشيء عن أصله ؛ قد يكتشف أنه وقع ضحية استهبال ! أي تغطية على فعل ما ربما يجري ترتيبه أو إشغال وإلهاء الناس عنه .
سانحة :
صور الاستهبال التي نتعرّض لها كثيرة هذه الأيام ، منها القول أن كل دول العالم تسمح بالمسيرات في عواصمها . بينما شاهدنا أن أمريكا طاردت المتظاهرين بالكلاب البوليسية – أجلّكم الله – عندما تجمعوا في شارع تجاري وحيوي اسمه ” وول ستريت ” في نيويورك . من الاستهبال أيضاً رفع إحدى الطائفيين قضية ضد أحد المشايخ المعروفين بمواقفهم وولائهم للقيادة ودفاعهم عنها بتهمة التحريض على الملك ! صور الاستهبال كثيرة ، قد لايصلح تعدادها أو قد ( يزعّل ) آخرين ذكرها ، لكن بقليل من التأني والفحص ومراجعة عدد من الأحداث والأمور التي يُشغل بها الرأي العام ستعرفونها .