نافذة الجمعة

فيلم ” براءة المسلمين ”

يُروى في بياض تاريخنا أمتنا الإسلامية أن مشركي مكّة وكبرائها حينما قدّموا الصحابي الجليل زيد بن الدثِنّّة ليضربوا عُنقه ؛ تقدّم إليه أبوسفيان ( وكان حينها مشركاً )  وقال له : أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمداً الآن في مكانك تُضرب عُنقه ، وأنت في أهلك ؟ فقال زيد : والله ما أحبّ أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تُؤذيه ، وإني جالس في أهلي . فقال أبو سفيان : ما رأيتُ من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً .. ثم قتلوه رضي الله عنه شهيداً .

ويُروى أيضاً أنه حينما فرغ الناس لقتلاهم يوم أُحُد ( بعد غزوة أحُد ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع ؟ أفي الأحياء أم في الأموات ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال : يا سعد بن الربيع ، مرة بعد مرة ، فلم يُجبه أحد حتى صاح : يا سعد بن الربيع ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني أنظر ماصنعت ، فأجابه سعد بصوت خافت ضعيف .. فنظر إليه محمد بن مسلمة فوجده جريحاً في القتلى وبه رمق . فقال له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظـر ، أفي الأحياء أنت أم في الأموات  ؟ قال سعد : أنا في الأمـوات ، فأَبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام ، وقل له : إن سعد بن الربيع يقول لك : جزاك الله عنّا خير ماجزى نبياً عن أمته ، وأخبره إني قد طُعنت اثنتي عشرة طعنة ، وإني قد أنفذت مقاتلي .

          ثم قال سعد بن الربيع لمحمد بن مسلمة : أبلغ قومك عني السلام ، وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم : إنه لاعذر لكم عند الله ، إن خلُص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف. ثم لم يلبث أن قضى شهيداً رضي الله عنه .

إن حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالنسبة للمسلمين إنما هو عبادة يتقرّبون بها إلى خالقهم ومولاهم سبحانه وتعالى . وقد روى الإمام البخاري ، قال صلى الله عليه وسلّم : ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين” حتى أجمع المؤرخون أن لاشخصية في مشارق الأرض ومغاربها وعلى مرّ الأزمان حتى يومنا هذا اكتسبت هذا الحب والالتفاف حولها والذود عنها وفدائها كما الرسول عليه الصلاة والسلام . بل إن اسم ” محمد ” أصبح أكثر اسم في الوجود حيث بلغ عدد الذين يحملون هذا الاسم أكثر من (70) مليون شخص على مستوي العالم ، بحسب موسوعة “جينتس ” للأرقام القياسية .

أعداء الإسلام لاينفكّون يبعثون سمومهم وإساءاتهم لمقدّساتنا ورموزنا في صورة لاتنمّ إلاّ عن مقدار الحنق والكره الذي يعتمل في نفوسهم ضد ديننا الإسلامي الحنيف . من تلك التعدّيات فيلمهم الأخير المسيء للرسول صلى الله عليه وسلّم الذي يحمل عنوان ” براءة المسلمين ” وقام بإخراجه وإنتاجه معتوه اسمه سام باسيل ، أمريكي – وقيل إنه إسرائيلي – أطلق بعد تكاثر الاعتراضات على فيلمه تصريحات معادية للإسلام مثل ” الإسلام هو السرطان ” و” الإسلام دين كراهية ” وقال عن فيلمه الذي مدته ساعتين وجمع لإنتاجه خمسة ملايين دولار من مائة مانح يهودي ” أن فيلمه سياسي وليس دينياً “. الفيلم حصل أيضاً على دعم من القس الأمريكي تيري جونز الذي أثار ضجة أخرى من خلال حرقه نسخاً من القرآن الكريم في شهر أبريل الماضي حيث أكد أنه سيعرض مقتطفات من الفيلم في كنيسته في غينسفيل في فلوريداالأمريكية .

الإساءات للإسلام ؛ في شعائره ومقدساته ورموزه وأهله تتزايد دونما رادع أو أدنى احترام لأننا أصبحنا خيول لاتصهل ، أو خيول تتبنى فهم غريب للتسامح وتروّج له وترتضيه أن يكون من جانب واحد ، بحيث يتحوّل إلى ضعف ومذلّة ، تزيل الهيبة وتفتح المجال لأن يتجرأ الآخرون على الأمة العربية والإسلامية بصورة قد تصل إلى الاستبداد والمهانة ، فلا يُعمل لها بعدئذ أي حساب ، ويعتبروننا – تبعاً لذلك – كما الميت الذي لاتؤلمه الجروح ، مهما تكاثرت على جسده !
سانحة :

أمر غريب أن يحزن البعض كل هذا الحزن على مقتل السفير الأمريكي في ليبيا – وهو قتل مُستنكر –  بينما المئات  يُذبحون كما النعاج بشكل يومي في سوريا ؛ فلا يحرّك هذا القتل في هذا العالم شيئاً !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s