راصد

أمريكا .. أنتِ طبّاخ السّم

   بالتأكيد لايوجد بين المسلمين من يطرب لسفك الدماء ، ويوزع الحلوى على جثث الأبرياء ، أو يأنس بترويع الآمنين ، أو يتلذذ حين تتهدم أو تُحرق جدران مقار السفارات والقنصليات الأمريكية والغربية فوق رؤوس موظفيها أو ساكنيها أوزائريها ، فذلك مما يجب أن يُنكر ويُرفض ويشجب ليس من باب مخالفته للفطرة البشرية السوية فحسب بل بالنسبة للمسلمين فإن دينهم الإسلامي العظيم قد حفظ لغير المسلمين دماؤهم وحقوقهم وأعراضهم وأموالهم،  طالما لم يقوموا هم بأنفسهم بأعمالٍ تستوجب عقابهم على النحو الذي رأينا جانباً منه في مظاهرات وصدامات خرجت عن إطارها السلمي وربما جرى استغلالها لمآرب أخرى لاعلاقة لها بالاستنكار والإدانة المطلوبة والمفترضة ضد الفيلم القبيح الذي أساء لسيد البشر صلى الله عليه وسلّم .

وفي هذا الصدد خرج الساسة الأمريكان بعد مقتل السفير الأمريكي في ليبيا واقتحام عدد من سفاراتهم إثر هذه المظاهرات الاحتجاجية يستنكرون ويشجبون الاعتداء على الدبلوماسيين ومقارهم ، ويتبرأون من مسؤوليتهم عن الفيلم المسيء . ومن ذلك – مثلاً – أن هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكي قالت : ” شاهدنا الغضب والعنف الموجه إلى سفارات أمريكا بسبب فيلم بشع على الانترنت ليست لنا أي علاقة به ” وأضافت : “نعتقد أنه لا مكان للعنف في الدين ، الإسلام كما الديانات الأخرى يحترم كرامة البشر الأساسية، ويعتبر شن الهجمات على الأبرياء انتهاكاً للكرامة الأساسية ” وقالت أيضاً ” نرفض استبداد الغوغاء “.

على أن الغوغاء الذي تتهم به كلينتون المتظاهرين ، والمسؤولية التي تنفيها عن الفيلم المسيء وما شابهها من دروس ومواعظ للساسة الأمريكان هذه الأيام تدخل فيما نسميه عندنا وفق الآية القرآنية الكريمة ” ألا تزر وازرة وزر أخرى ” هم – الأمريكان – أولى بسماعها والإنصات لها وتطبيقها في سياستهم أو وقف وكبح جماح ( الكابوي ) الأمريكي الذي انفلت زمامه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر فارتكب من المجازر والمآسي في شتى بلدان المسلمين مايندى له الجبين وترك معالم بارزة على وحشيتهم وفظاعتهم في عدد من تلك البلدان مثل العراق وأفغانستان التي حوّل أرضها إلى خرائب وجعلها أثرأ بعدما كانت عين وشرّدت طائراته ومدمراته وصواريخه سكانها إلى الأصقاع والجبال ، بل دكّ قرى بأكملها على هذا الشعب الفقير والمعدم أساساً ، وذلك بحجة القضاء على الإرهاب دونما أن يفرّق بين من له علاقة بأحداث سبتمبر وبين من ليس له علاقة مثلما يقولون ويطالبون به هم – الأمريكان – الآن !!

الغوغاء التي تتحدث عنها السيدة هيلاري كلينتون هي التي قررت بعد أحداث سبتمبر محاصرة العمل الخيري من منابع العطاء في مختلف دول العالم الإسلامي فحرمت منه عشرات الآلاف من الأرامل والأيتام ومنعته عن إنقاذ الملهوفين والمعوزين في أقطار كانت تعيش عليه ، والغوغاء هي التي سارعت إلى تغيير مناهج التعليم في بلداننا الإسلامية وحذف كل ماله علاقة بالجهاد واليهود من تلك المناهج .  

الغوغاء ؛ هي سياسة أمريكية بحتة أكسبتهم الأعداء من شتَّى بقاع الأرض، ومن مختلف الأديان والأجناس، فهناك شعوب بأكملها لاترى في أمريكا سوى الشيطان أوهي امبراطورية الشر، وبسبب تلك الغوغاء فإن العرب والمسـلمون يتعرضون لآلام ومآس ومجازر ومذابح  كثيرة ومتنوعة لايمكن أن تنجلي من الذاكرة العربية والإسلامية ، هي من صنع أمريــكا أو بدعم منها . العرب والمسلمون يكتوون من جراء انحياز أمريكا الأعمى للكيان الصهيوني ، وتنزف دماء أهلنا في فلسطين بالرصاص الأمريكي وقصف آلتهم العسكرية الأمريكية ، وترتكب في حق الفلسطينيين المجازر تلو المجازر ، ويغتالون منهم الأطفال والنساء والشباب والشيوخ ، وتهدم المنازل وتشرد العوائل وتُبنى المستوطنات الصهيونية ويُدنّس الأقصى الشريف تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع ، وبتواطأ مع أمريكا ذاتها التي تتواطأ اليوم مع طغاة الشام ومواليه في ظل صمت عالمي مطبق تجاه الجثث والأشلاء السورية التي تتناثر بشكل يفوق في فظاعته وهوله وأثره مقتل الدبلومسايين الأمريكان في ليبيا أو حرق مقارها هنا أو هناك بصورة تجعلنا نردّ على أوباما وكلينتون بأن مايحدث لكم حالياً هو نتيجة عادلة أشار إليها مثل شعبي شائع ومفيد لكم ، وهو ” طبّاخ السمّ أحيانا يأكله ” .

سانحة :

لو أتيح لك أن تسـمع ما يُقال من وراء ظهرك لصدمت من الناس التي تضحك في وجهك .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s