نافذة الجمعة

غزوة جنيف

أما جنيف فهي مدينة سويسرية تقع على النهاية الغربية لبحيرة جنيف ، وتمثل امتداداً للأراضي الفرنسية ، يبلغ عدد سكانها (206 109) نسمة . لها تسميات قديمة وعديدة أخرى مثل ” مدينة القديس كالفان ” أو ” مدينة الأبالسة” أو “المدينة التي تحدّ البحيرة ” أو ” مدينة الخطيئة ” أو غيرها من الأسماء التي تلاشت أمام بروز هذه المدينة الساحرة في جمالها وقدمِها وحضورها على الساحة الدولية واحتلالها مسمى ” المدينة العالمية ” واحتضانها مقار حوالي (22) منظمة دولية ، أهمها المقر الأوروبي للأمم المتحدة ، و(180) منظمة غير حكومية و(150) بعثة دولية.

ليس كذلك فحسب ؛ وإنما ارتبطت مدينة جنيف بمسمى أربع اتفاقيات دولية ، ربما هي أقدم اتفاقيات العالم وأوسعها قبولاً حيث انضم لها مايزيد على (190) دولة. الاتفاقيات الأربع يرجع تاريخ أولاها إلى عام 1864م . وتتعلق – حسب موسوعة ويكيبديا – جميعها بحماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، أي طريقة الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب، حماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في منطقة محتلة . كذللك نصت الاتفاقيات على تأسيس منظمة الصليب الأحمر ،تسمى اليوم بـ”منظمة الصليب الأحمر أوالهلال الأحمر الدولية، كمنظمة دولية محايدة لمعالجة شؤون الجرحى وأسرى الحرب.

بالنسبة لنا في البحرين ؛ لم نكن نعرف عن هذه المدينة تفاصيل كثيرة ، أو – للدقة – لم تكن في وارد الاهتمام أو حتى شدّ الرحال للسياحة والتجوال في بحيرتها ونوافيرها وأسواقها وأحيائها القديمة ، خاصة وأن مدينة جنيف تُعدّ الحياة فيها من أغلى مدن العالم.

غير أن اهتمام البحرينيين بهذه المدينة قد أخذ يتنامى بعد الأحداث المؤسفة التي مرّت بنا خلال السنتين الأخريين ، وبلغ الاهتمام ذروته في حوالي الشهرين الماضيين إبّان التحضيرات والاستعدادات لجلسة  لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيُناقش فيها تقرير عن البحرين  حيث تعارف الكثيرون على تسمية هذه الجلسة ” غزوة جنيف ” التي رغم أن معنى ” غزوة ” في اللغة هي من مصدر ” غزا ”  وهو السير إلى العدو ومحاربته وقتاله في دياره إلاّ أن السائرين من البحرين إلى جنيف لم يكونوا جيشاً واحداً كما هو مفترض في طبيعة مهام الجيوش أو متطلبات مصدر ” غزا “. بل كانوا طرفي نقيض ، أحدهما يحمل تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان في الدولة ، يدافع فيه عن إجراءاتها ومؤسساتها والآخر ينشر ( غسيل ) بلاده ويعمل على تضخيم أخطائها وتشويه سمعتها ويستعدي ( العلوج ) عليها .

كلا الطرفين يحملون الجنسية البحرينية ، وإن اختلفا – مثلما ذكرنا – في طبيعة وظيفتهما في تلك الغزوة ، أعني ( غزوة جنيف ) لكن طرف ( التشويه ونشر الغسيل ) حشد أعداداً كبيرة وبذل جهوداً استثنائية و- ربما – أموالاً كثيرة للوصول إلى هذه المدينة العالمية ( الغالية ) . وقاموا بتحرّكات وعقد ندوات ولقاءات بهدف كسب ( العلوج ) . وكان التوتر والحماس والإرباك والترقب عنواناً واضحاً في رايتهم .

الطرف الآخر ، الذي حمِل على عاتقه الدفاع عن مؤسسات الدولة وإجراءاتها كان واثقاً من استعداداته وقدراته وعدّته ، هادئاً في تحرّكاته حتى أن أحد قادته خرج في إجازته السنوية ثم تبعه قائد آخر يهدّىْ من روْع الناس ويقلّل من شأن ( الغزوة ) فيقول لهم أنها ليست ( يوم المحشر ) مبيناً أنها ساعة وسننتهي منها . كأنه كان يقصد أن يقول ” وسننتصر فيها “

نبارك للبحرين موقفها وتأييد مجلس حقوق الإنسان لإجراءاتها واجتيازها ( غزوة جنيف ) التي شارك فيها أبناء البحرين – للأسف الشديد – كطرفين متناقضين في الوقت الذي كان يُفترض أن يكونوا طرفاً واحداً يسير إلى أولئك في عقر ديارهم يُلجمهم ويصرخ في وجوههم ( لاشأن لكم في بلادي ) أو ( أنا أحرص عليها وأقدر منكم على معالجة مشكلاتها ) . وعلى العموم سيعود الطرفان إلى البحرين بالرغم من اختلاف مهمتهما واختلاف منطلقاتهما دون أن يُساءل أحد : لماذا فعلت كذا ؟ .. أعتقد أنها حالة بحرينية خاصة ، قد لاتتكرّر في غيرها من البلدان .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s