يتسم عصرنا الحاضر بثورة هائلة في المعلومات والاتصالات والفضائيات ، اختصرت فيه المسافات وتقاربت الشعوب وظهرت وسائل وآليات للتواصل كان التفكير فيها في السابق من ضروب السحر والخيال لولا أنها تحققت على أرض الواقع الآن وتحوّل العالم بأجمعه إلى مايشبه القرية الواحدة بفضل التطوّر التقني الذي اختصر الزمان والمكان وأصبح مجرّد الضغط على بضعة أزرار على أجهزة إلكترونية متعددة ، سواء هاتف نقال أو أجهزة حاسب آلي كفيلة بأن تنجز مهام ومعاملات كان قضاؤها يستلزم مدداً بالأيام والشهور . حتى البيع والشراء بمبالغ مالية ضخمة صار أيضاً يتم من خلال أن تضغط بأناملك الناعمة على تلك الأزرار الإلكترونية ( الساحرة ) ، وفقط .
وأمام هذا التطوّر المدهش ؛ قد تُصاب بالصدمة أو الذهول – وربما الغثيان – حينما تكتشف أنه لاتزال بعض المعاملات والإجراءات لم تدخل في نظام ( سيستم ) ثورة الاتصالات التي ألغت حواجز المكان وتسارع أمام غزوها وجبروتها الوقت بصورة يصعب معها القبول بالاستثناء أو البقاء على ذات إجراءات عقيمة ، تجاوزها العلم والتطوّر وتعدّاها الزمن . هذا هو المفترض والمأمول لولا أننا نسمع أو نتابع عمليات تخليص معاملات ( يتمرمط ) أصحابها من الازدحام وكثرة المراجعات والتأخير غير المبرّر أو الذي لايستقيم مع عصر التقنيات والتحولات الإلكترونية.
فعلى سبيل المثال – وليس الحصر – أحاول جاهداً أن أصدّق أن عملية معادلة أو تصديق شهادات الطلبة الخرّيجين من الجامعات ، سواء المحلية أو الخارجية ؛ لاتجري في ذات اليوم أو في اليوم التالي أو الذي يليهما أو في أسوأ تقدير لاتتجاوز خانة الأيام ، خاصة وأن الشبكة العنكبوتية قد أتاحت طرقاً وإمكانيات لاحصر لها من التواصل مع مختلف مؤسسات وجهات العالم فضلاً عن جامعات داخل حدود وطننا العزيز .
يتصل بنا بين الحين والآخر طلبة خريجين يشكون مرّ الشكوى من تأخر التصديق على شهاداتهم الجامعية ودخول مدد الانتظار خانة الأسابيع والأشهر وأتمنى ألا نفاجأ بوصولها خانة السنوات فيما هم ينتظرون البدء في رحلة البحث عن عمل ، وهي رحلة مفزعة وأيضاً طويلة لاتحتاج إلى من يطيل أمد انطلاق بدايتها بسبب إجراءات تصديق شهاداتهم نفترض منطقياً أن المدّة الحالية لها مبالغ فيها وتحتاج إلى إلغائها أو – على الأقل – اختصارها بما يتماشى مع التطورات التقنية في العالم والخدمات الإلكترونية التي نسمع عنها ونترقب أثرها على كثرة من المعاملات والإجراءات التي لاتزال على طريقة ( بوكلش ).
سانحة :
سألت ذات مرّة أحد الطلبة الجامعيين : متى ستتخرّج ؟ فأجابني : فصل دراسي واحد ، ومثله انتظار التصديق على شهادتي !!