نسأل المولى عز وجل أن يتغمّد الشرطي أحمد عمران بواسع رحمته وأن يتقبله في عداد الشهداء . ولاشك أن عملية اغتياله تشكل تطوراً نوعياً فيما يسمونه ( المطالبات السلمية ) ! لكن الأمر المخيف أكثر هو التعبيرات والتعليقات التي قرأناها في بعض منتدياتهم عن استشهاد هذا الشرطي ، تعليقات تأنف النفس عن ذكرها ولاتتناسب مع حرمة الميت ولاتليق أن تصدر عمن يقول بحرمة هدر الدماء ..
أرجو أن يتكرّم علينا أحد فيتطوّع لإفهامنا أو تثبيت عقولنا إزاء عدد غير قليل من الأحداث أو الأخبار نسمعها أو نقرأها فنُعمل بصرنا وبصيرتنا ونبذل واسع جهدنا في محاولة استيعابها والتغلّب على مشكلة هضمها ؛ فلا نفلح !
قبل حوالي شهرين ، أقل أو أكثر طالعتنا الأخبار بما يفيد عودة سفير البحرين إلى طهران بعدما تم سحبه في العام الماضي احتجاجاً على تدخلات للجمهورية الإيرانية في الشأن البحريني. كان التوقع أن هذا الأمر قد تم من خلال توافق دبلوماسي بين الدولتين أنهى أسباب ( القطيعة ) بحيث يعود سفيري الدولتين إلى مكانهما . بمعنى أن عودة السفير البحريني إلى طهران يتزامن معه عودة السفير الإيراني إلى المنامة . هكذا كنّا نظن لولا أن ذلك لم يحدث – بحسب علمي المتواضع – حتى الآن . لم يقف الأمر عند ذلك الحد ؛ فقد تناقلت الأنباء بعد عودة سفيرنا إلى مقر عمله في طهران تم تنظيم محاكمة صورية لرموز الدولة أمام سفارتنا !
أيضاً قبل حوالي شهر من الآن ، أقل أو أكثر ، تظهر علينا ناقلتنا الوطنية وطائرنا الميمون والمدلّع ، شركة طيران الخليج بخبر استئناف رحلاتها الجوية إلى مدينة النجف العراقية بعد توقف حوالي عام واحد بسبب الأحداث المؤسفة التي مرّت بها بلادي . كان التوقع أن استئناف الرحلات الجوية أمر قد تم ترتيبه مع الطرف الآخر بعد زوال أسباب الإيقاف . غير أنه بعد وصول أول رحلة بعد الاستئناف يخرج علينا مجلس محافظة النجف ببيان يقول فيه ” أن اللجنة المشكلة للإشراف على المطار قررت منع شركة طيران الخليج البحرينية من تسيير رحلاتها إلى النجف تضامنا مع الشعب البحريني الذي يتعرض لقمع من السلطات هناك” ! ثم بعد عدّة أيام تراجع مجلس المحافظة عن قراره وسمح لطيران الخليج بتسيير رحلاتها للنجف بناء على طلبات من البحرينيين .
في هذا الشهر ، يقرر أيضاً طائرنا الميمون إعادة تسيير رحلاته الجوية إلى طهران ، ويعلن ذلك على مسامعنا وأبصارنا ليأتيه الرد من منظمة الطيران المدني الإيرانية بأنه موافقة طهران على استئناف رحلات طيران الخليج إليها مشروطة بموافقة المنامة على السماح للطائرات الإيرانية بدخول البحرين ( كصّة بكصّة ) !
لا أحد يعرف أو يستطيع أن يفهم سبب أن تكون تلك المبادرات وغيرها منشأها من الدولة ، وأن تكون هي السباقة دونما أن تحصل على اعتذار أو ضمانات أو أي شيء يحفظ للكرامة مكانتها وكذلك للعقل ثباته .. الكرامة والهيبة والسلطة كلمات يجب المحافظة عليها وعدم المساس بها أو التضحية بها .
سانحة :
تعلّمت في حياتي المهنية أن هنالك علاقة طردية بين تدني المستوى العلمي والأخلاقي وبين تضخم عقدة الـ ( الأنا ) . فكلّما انحدر الشخص في مؤهلاته وساءت أخلاقه زادت عنده صفات الغرور والغطرسة وتضخمت عقدة ( أنا ) . والعكس صحيح : كلما ارتفع المستوى العلمي وتسامت الأخلاق كان التواضع عنواناً جميلاً في صفات وسمات هذا الشخص .