راصد

فرعون وإعصـار ساندي

من قصص التاريخ  التي تستحق التأمل والاعتبار قصة فرعون مع قومه ، وهي قصة تستأهل أن نستدعيها  بين حين وآخر ، خاصة عندما نتفاجأ بأن أحدهم قد تقمّص بجهله أو سفاهته وسوء أفعاله شخصية فرعون وخرج علينا وعلى الناس  بكل غرور وصلف كأنه يقول لهم ” ما علمت لكم من إله غيري ” أو يمعن في التكبّر والغطرسة والتعجرف فيقول للناس ” ما أريكم إلاّ ما أرى ” لكنه ينسى عاقبة فرعون ومآله .

فرعون ؛ ليس بالضرورة أن يكون شخصاً أو حاكماً أو نظاماً أو دولة ، إنما قد يتجدّد في كل أولئك ، لكن تبقى عاقبته – عاقبة تحدّي المولى عز وجل وتجرأه على ملكه وسننه الكونية – واحدة تتكرّر على مرّ الأزمان والعصور ، آية وعبرة لنا .

التباهي والغرور هي الصفة التي غلبت على أمريكا في شتى ممارساتها ، بالضبط كسائر الطغاة حينما تزين لهم أفهامهم أو بطانتهم أن لا أحد فوقهم ولايوجد من هو أقوى منهم ، وبالضبط مثل فرعون الذي خاطب قومه متحدياً : ” من ربكم ” ثم أردف لهم قائلاً “ما علمت لكم من إله غيري “. وهو ماتفعله أمريكا التي ترى نفسها الآن أنها الإمبراطورية التي لا تُقهر ، وإن أمريكا هي العالم ، والعالم هو أمريكا ، وجبروتها ومظالمها منتشرة في بقاع المسلمين ، في العراق وأفغانستان وفلسطين والسودان ، وسوريا التي تفيض فيها شلالات الدم يومياً لمئات المسلمين وتصعد إلى بارئها أرواحهم الطاهرة وسط تواطؤ دولي وصمت عربي وإسلامي .

يقول الرئيس الأمريكي السابق روزفلت ” إن قدرنا هو أمركة العالم ” وذات مرّة قال ألبرت بيفريدج ، ممثِّل ولاية (إنديانا) في مجلس الشيوخ الأمريكي: ” لقد جعل الله منَّا أساتذة العالم ! كي نتمكن من نشر النظام حيث تكون الفوضى ، وجعلنا جديرين بالحكم لكي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة ” وقالت مادلين أولبرايت وزيرة خارجيتهم السابقة في إحدى المقابلات معها في جامعة أمريكية : ” في هذا الكون قوة عظمى واحدة ؛ الولايات المتحدة !! ” وكان الرئيس الأمريكي الأسبق بوش يقول : ” نحن نقبض على ناصية المستقبل بأيدينا ” وهكذا فهم لايختلفون عما ردّده في السابق فرعون ” ما أريكم إلاّ ما أرى ” .

وسط كل ذلك العناد والتغطرس ، والظلم الذي يمارسونه ؛ أراد سبحانه وتعالى أن يريهم شيئاً من قوّته وجبروته ، ويرسل عليهم جنداً من جنوده ، مجرّد رياح ( إعصار ساندي )، لايرونها ولايلمسونها ؛ لكنها هزّت الشاهق من بنيانهم وأوقفت مصانعهم ومستشفياتهم وكهرباءهم وهجّرتهم من منازلهم وشلّت سائر أنواع الحياة في بعض مدنهم حتى تم الإعلان عن أنها مناطق منكوبة . إنها قدرة الله سبحانه وتعالى التي ننسى في غمرة حياتنا وانشغالاتنا وتوقعاتنا وتخطيطنا أن نجعل لها مكان .

بعض الناس حينما يزورون المتحف المصري ويشاهدون ( مومياء فرعون ) يخوضون في بحث وتفسيرات علمية لبقاء جسم فرعون كما هو منذ آلاف السنين وتعجز أفهامهم عن الوصول إلى كيفية حفظ هذه الجثة دون تغيير كما بقية الموتى . لكنهم  ما أن يقرأوا قوله تعالى في محكم التنزيل ” فَالْيومَ نُنَجِّيكَ بِبدَنِكَ لتكونَ لمَنْ خلْفَكَ آيةً وإنَّ كثيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتنا لَغَافِلُونَ “حتى يذعنوا أن هذا عبرة وآية من آيات الرحمن في كونه ، وتحتاج إلى من ينظر لها نظرة تفكرّ واعتبار .

سانحة :

 قال تعالى : ” يا أيها الناس ضُرب مثلٌ فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له ، وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يَستنقِذوه منه ، ضَعُف الطالبُ والمطلوبُ ، مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s