قلنا ، وسنظل نقول أن الأحداث والتطورات الجارية في بلادنا ومن حولنا ، هي مفصل هام في مكانه وزمانه ، لا يتعلق بتغييرات سياسية فحسب وإنما صار هذا المفصل يتعلق أكثر فأكثر بهوية وانتماء ينبغي عدم التهاون والتفريط فيها أو الغفلة عنها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار الذي بالرغم من أهميته إلاّ أنه ليس بديلاً يمكن التضحية لأجله بهوية وانتماء البحرين التي لها تاريخ عريق في العروبة والإسلام ، حافل بالمجد والعطاء ، ضارب بجذوره في أعماق التاريخ الإسلامي وارتباط أرضها وأهلها بعقد وامتداد على كامل شبه الجزرة العربية وماوراءها من أجل المحافظة على المصبّ الرئيسي للإسلام وإبعاده عن كل ما قد يعكّره أو يغيرّه.
لقد تناوب على حفظ هذه الهويّة – هوية المصبّ الرئيسي للإسلام – منذ الفتح الإسلامي إلى يومنا هذا حكّام وقيادات وأنظمة كانت المهج والأرواح ثمناً ومصدّاً لأي محاولة للعبث بهذا المبدأ أو المساس بعنوان وجوده وانتمائه والثبات عليه والذود عنه .
ويُحسب لعوائل الحكم في الخليج – ومنها عائلة آل خليفة الكرام – وأنسابهم وفروعهم ، أنهم حفظوا لهذه المنطقة ( بوصلتها ) وهويتها وانتمائها العربي والإسلامي ووقفوا لعشرات السنين بالمرصاد لأطماع تغييرها ، خاصة تلك الأطماع القادمة من الشرق حيث قد لاتعرف أجيالنا أن جارتنا إيران كانت أكثريتها وهويتها هي من المصب الرئيس للإسلام قبل أن يجير على تلك الهوية اسماعيل الصفوي وجنده .
قد لايعرف أجيالنا – للأسف الشديد – الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية ضد الصفويين قبل أن يجري التآمر مع البرتغاليين والفرنج على تفكيكها وإضعافها وإزالة سلطانها ودولتها .
على عوائل وأنظمة الحكم في عموم دول الخليج العربي والبحرين على الأخص مسؤولية تاريخية تدافع عن هوية وتنافح عن تاريخ عربي عريق لهذه الجزيرة مرتبط بالعروبة والإسلام ومتجّذر فيها ، لا علاقة له يُعتدّ بها بالتاريخ الفارسي أو الصفوي ، وأن لاترخي السمع لمن يطبّل أو يسوّق – بحسن أو سوء نية – لتعدّدية مجتمعنا أو مجتمعاتنا ويروّج لـ (سالفة ) أكثرية وأقلية لأن هذه البقعة وعموم جيرانها في المنطقة ذات هوية وانتماء وامتداد لايجب التخلّي عنه تحت دعاوى أقل ما يمكن وصفها بأنها تفريط وتخريب .
الكلام عن حماية الهوية يجب أن يطفو إلى رأس الأولويات والمهمات لأن التسويات والصفقات الإقليمية التي تجري تحت الطاولة أو داخل الغرف المغلقة خاصة بعد فوز الرئيس أوباما بولاية رئاسية ثانية والإعلان عن مفاوضات لحل الملف النووي الإيراني وظهور بشار الأسد في مقابلة يقول فيها أن الرؤساء العرب يؤيدونه ضمنياً لكنهم يخشون الإعلان عن ذلك وقوله أيضاً أن تكلفة التدخل الأجنبي في سوريا سيتحمل تبعات دفعها العالم كلّه .
في العقد الماضي ؛ اشتغلت الآلة الإعلامية والدبلوماسية والمخابراتية على العراق ، ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان وما شابه ذلك من بضاعة ( كلمة حق يُراد بها باطل ) قبل أن تحسم الآلة العسكرية الأمريكية وحلفاؤها الوضع في العراق لصالح تغيير هويته إلى غير هوية المصب الرئيسي للإسلام .
هوية الدول ليست ملكاً خاصاً لحكامها وإنما هي إرث وملك يتعاضد الحكام والشعوب على حمايته والمحافظة على سلامته وعدم التفريط به أو المقايضة بشأنه . ولعلّ دول الخليج جميعها الآن – أنظمة حكم وشعوب – عليها أن تنهض بمسؤولية رعاية هويتها من مخاطر ومؤامرات وصفقات العبث بها أو تغييرها .
سانحة :
هذه المعلومة ليست دعوة للاقتداء , وإنما فقط للعلم والتعرّف على مقدار محافظة الدول على هويتها ؛ في عاصمة الجمهورية الإيرانية الإسلامية وقلبها النابض لايوجد أي مسجد أو جامع لأهل السنة والجماعة ، وليس مسموحاً إنشاء أو الترخيص لإقامة أي شيء من هذا القبيل .