سيكون المسرح الوطني الذي جرى افتتاحه منتصف الأسبوع الحالي إضافة جديدة ومتميزة للمشروعات والمرافق والمعالم الهامة في مملكتنا الغالية لما يحتويه هذا المسرح من فن معماري رفيع وإبداع هندسي متناسق وبديع ومساحة شاسعة جعلت منه ثالث أكبر مسرح على مستوى العالم العربي بعد مسرح الأوبرا المصرية والمسرح السلطاني العماني . ونأمل أن يكون هذا المسرح انطلاقة جديدة نحو فن وثقافة نابعة من عاداتنا وقيمنا الأصيلة ، وتعكس حرصاً على المحافظة على هويتنا وانتمائنا وتسهم في تعريف العالم بتراثنا وتاريخنا وعروبتنا وما إلى ذلك من قضايا وفكر يجب أن يعود للمسرح مكانته فيها وأن يمسك زمام المبادرة حيث أن الأشكال الجميلة والمباني الضخمة تفقد قيمتها إن خلت أو ساءت مضامينها .
نتمنى أيضاً أن لايُصار إلى استخدام هذا المسرح الجديد في مواصلة العبث بموروثاتنا وأفهامنا عن الثقافة فتستمر عملية إلزامنا بمفهوم آخر للثقافة لايقوم على أساس بيان مقدرات العروبة والإسلام ، ولا يخضع لاعتبارات الهوية والانتماء ، ضاعت فيه القيم وتلاشى منه الفكر والأدب ، وأصبح ( مسْخاً ) ليس له من الثقافة سوى الاسم وغالب مافيه مجرّد رقص وطرب وسيمفونيات من الشرق و الغرب أو الشمال والجنوب وما شابهها من الـ ( هشّك بشّك ) التي جرى غثّنا بها وهدر الأموال عليها خلال السنوات القليلة الماضية .
غير أن هذا المسرح الوطني الذي تبلغ مساحته (11.869) متراً مربعاً ويتسع لـ (1001) مقعد بالإضافة إلى قاعات أخرى ومواقف سيارات تستوعب (290) سيارة ، وبلغت كلفة إنشائه (19) مليون دينار ؛ قد شكّل منعطفاً هاماً يستحق النظر إليه بعين الاعتبار يتعلق بالفترة الزمنية التي استغرقته عملية إنشائه وتدشينه ، فقد وضع حجر أساسه بتاريخ 30 يونيو 2010م وجرى افتتاحه 12 نوفمبر 2012م ، أي استغرقت عملية بنائه حوالي السنتين وبضعة أشهر ، فقط ، لاغير . وبالرغم من أنها فترة زمنية طبيعية ومناسبة للانتهاء من مثل هذا المشروع إلاّ أن وعينا الجمعي لم يعتد عليها ، بل قد يعتبرها فترة إنجاز قياسية ومبهرة عند مقارنتها بأمثالها وأقرانها من مشروعات نسمع عنها ولانراها ، وربما ننساها ، بعضها لايزال في طور المخططات والمجسمات التي يستمتع المواطنون بالنظر إليها بين فترة وأخرى على أوراق الصحف المحلية في تصريحات وبيانات المسؤولين دون أن يعرفوا نقطة البدء فيها . وبعضها بدأ العمل فيها لكن تمرّ عليه الأشهر والسنوات دون حراك يُذكر، وأخرى بدأ العمل فيها لكنها مفتوحة الآجال والآماد ونهاياتها في علم الغيب أو تحتاج إلى من يسهّل علينا فهم مسألة المدد التي تستغرقها بعض مشروعاتنا وإنشاءاتنا وشوارعنا أو ( ينوّرنا ) عن الأرانب التي نهضت ببناء مشروع المسرح الوطني حتى نتخلّص من السلاحف التي تتولى إنشاء وبناء بقية المشروعات والإنشاءات الأخرى .