راصد

البرّ بالوطن

في مساء يوم الأحد الماضي ، وبينما في طريق عودتي مع أبنائي من الصخير ؛ انحشرت غصباً عنّي ، وعلى غير موعد في مسيرة سيارات حوّلت جزءاً كبيراً من شوارع إحدى المناطق إلى أماكن مزدحمة ، عطلوا حركة المرور وأطلقوا العنان لأبواق سياراتهم وردح مسجلاتها ، وصاروا يصولوا ويجولوا طولاً وعرضاً ، ذهاباً وإياباً على مساري الشوارع ، كل ذلك تحت عنوان احتفالات وطنية نسعد ونفرح لها جميعنا ونتمنى أن تكون سائر أيامنا احتفالات ومناسبات .

غير أن وجودي على مدار حوالي ساعة كاملة ضمن سيارات هذه المسيرة سبّب لي ضيقاً شديداً لايتعلّق بتعطّل مروري فحسب ، وإنما بما شاهدته من صور وأفعال خلال هذه المسيرة أعتقد أنها لاعلاقة لها بعيد وطني أو تعبير عن حبّ البحرين ولاتمت بصلة لاحتفال بمناسباتها الوطنية حيث أنها في أجزاء ليست قليلة – وربما غالبة – كانت فرصاً للمعاكسات والتفحيط وبعض الحركات غير اللائقة التي كانت تصدر عن بنات وأولاد ، وفي بعض منها لاتستطيع التفريق بينهما والتمييز بين البنت والولد. كان المشهد من سوئه أنه في بعض صوره محرجاً وغير باعث للفرح أن تكون احتفالات أبنائنا وبناتنا على هذا النحو الذي إن أردت تخفيف وصفه أكتفي بالقول أنه ” غير لائق ” والغريب أيضاً أن بعض السيارات الخليجية قد رأيتها تشارك في هذه المسيرة الاحتفالية على ذات النحو نفسه .

أعرف أن البعض قد لايعجبه انتقاد مثل هذه الاحتفاليات ، وذلك شأنه ؛ لكن الحقيقة أننا نحتاج أن نغرس في أبنائنا وبناتنا أن حبّهم لوطنهم أو التعبير عن هذا الحبّ له طرق أخرى أكثر فائدة ونفع من الخروج في مهرجانات ومسيرات يختلط فيها الحابل بالنابل ، قد تُهان فيها الأخلاق أو تُمسّ الفضيلة بينما يكفيهم للتعبيرعن مشاعرهم تجاه وطنهم أن يخلصوا في أعمالهم وأن يجتهدوا في دراستهم وأن يتفوقوا في نتائجهم وأن يبدعوا في ابتكاراتهم وأن يضحوا بالغالي من أموالهم وجهدهم من أجل أن يعطوا وطنهم أجمل مافي جعبتهم ويخدموه بمقل عيونهم سعياً لرقيّه وتقدّمه .

الشباب اليوم ، هم عدّة المستقبل ورصيده وثروته النابضة لمواجهة التحديات التي يموج بها العالم ، والأولى أن تكون تربيتنا الوطنية لهم قائمة على الدفع بهم نحو الجديّة والاجتهاد والابتعاد عن الكسل والميوعة ومساعدتهم على مقاومة أوجه تغريبهم ومساعي تفريغ طاقاتهم ونشاطهم فيما لانفع منه على أنفسهم وأهلهم ووطنهم .

سانحة :

من أجمل التغريدات التي قرأتها لشاب بمناسبة عيدنا الوطني ” أدعو الله في هذا اليوم أن أكون بارّاً لوالدي ولوطني ” .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s