أما الجُرْف فهو في اللغة شِقّ الوادي إذا حفَر الماء في أسفله . وقد ورد في محكم التنزيل قوله تعالى ” أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على تقْوى من الله ورِضْوانٍ خيْرٌ أَمَّنْ أَسَّسَ بُنيَانَهُ على شفا جُرْفٍ هارٍ “. وأما الدحديرة فهي كلمة في اللهجة العامية تعني الشارع الطويل المتساوي الذي في آخره نزلة قوية . وقيل أنها كلمة سعودية يستخدمها أهل مكة المكرمة على وجه الخصوص ، وتُطلق على المنطقة التي تأتي بعد النزول من الجبل أو مرتفع ،  مفردها (دَحدَرَ) أي بمعنى نزل من فوق.

والمتأمل لمعنى الكلمتين واستخدامهما يكتشف في المحصلة أن النتيجة واحدة ، بمعنى لايختلف الجُرْف عن الدحديرة ، الاثنان يعنيان نزول . ولأن موروثنا من الأمثال الشعبية غني ومليء بالمعاني والدلالات المبنية على كلمات مختصرة وألفاظ واضحة ؛ فقد نشأ عندهم مثل شعبي مشهور يقولون فيه ” من جُرْف لدحديرة ” حيث مضى استخدامه لوصف من يخرج من مصيبة ليدخل في مصيبة أخرى ، أو من يبذل الجهد – وربما المال – لتجاوز مشكلة وعلاجها فيكتشف أنه وقع في مثلها أو أسوأ منها .

وتبعاً لذلك ؛ نتمنى على الذاهبين هذه الأيام لمايُسمى بالحوار أن يحزموا أدواتهم وأمتعتهم ويحددوا متطلباتهم بكل دقة وعناية ويختاروا أفقهم ويمهدوا أرضيتهم وأن يحموا ظهورهم ويقنعوا أهاليهم وقواعدهم بجدواه وأهميته خاصة في ظل ظروف صعبة ، سواء اجتماعية لم تتحلحل أو أمنية لم ينالها التغيير لاسيما العنف المستخدم في الشارع في صورة هي أشبه بإحداث ضغط من نوع معين على مجريات هذا الحوار الذي أخشى ويخشى كثيرون غيري في ظل المعطيات والضغوطات والتدخلات الموجودة أن ينقلنا – إن لم تتهيأ له أجواء وظروف نجاحه – من أزمة إلى أختها ، فينطبق عليه المثل الشعبي الشهير ” من جُرْف لدحديرة “.

سانحة :

بعض من يتصدّون لإعداد وتقديم برامجنا الحوارية في التلفزيون يحوّلون البرنامج إلى فقرة خاصة بهم ، يقولون رأيهم ويطرحون تصوّراتهم ، وقد يستولون على جلّ وقت البرنامج بشكل تجعل الضيف أو ضيوف البرنامج يكتشفون أنهم جاؤوا بهم كمستمعين أو مجرّد خلفية مصوّرة للبرنامج ..