نافذة الجمعة

أهل السنة والجماعة في الدستور المصري

لأن مصر هي قلب العروبة ومكانتها كما الروح في الجسد ؛ فإنها قد استحوذت أحداثها خلال الأسابيع القليلة الماضية على جلّ الاهتمام والمتابعة ، خاصة وأنها كانت بصدد اعتماد دستور جديد لها يعيد تنظيم مؤسساتها وسلطاتها وتجديدها بعد ثورة أطاحت بنظام حكم جثم على مصر عقوداً من الزمان . ولأن نصوص الدستور الجديد محكمة ومتميزة – بغض النظر عن المعارضين الذين كانت معارضة أغلبهم لاتتعلق بالدستور والقانون بقدر ماهي متطلعة إلى محاربة مشروع التغيير والحكم الجديد – بغض النظر عن ذلك فقد حصد الاستفتاء على الدستور الموافقة بنتيجة قياسية قدرها حوالي (64%) وهي تفوق أعلى نتيجة سجلها العالم في استفتاء على الدستور حيث كان الإيطاليون قد صوتوا بالموافقة على دستورهم بنسبة (61%) ، وقبلهم الفرنسيون بنسبة موافقة بلغت (54%) .

في الحقيقة ؛ استمتعت بقراءة كثرة من مواد الدستور المصري الجديد ، بعضها كان لافتاً مقدار رقيها وتحضرها وكذلك تقدّمها على غيرها من الدساتير في وطننا العربي والإسلامي وينبغي التطلّع لمسايرتها والأخذ منها لاسيما وأن المصريين هم سادة القانون وأساتذته ، ويرجع إليهم الفضل في إعداد أو المشاركة في وضع غالب الدساتير العربية والإسلامية .

غير أن من أكثر مواد  الدستور التي كانت لافتة وتعبّر عن هوية وانتماء مثلما أنها تحفظ المجتمع المصري من شرور أو موجة أو محاولة غزو على دينه أو تغيير مذهبه ؛ هي المادة رقم (219) التي تنص على : ” مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة “. بمعنى أنه مثلما أن إيران قد نصّت في دستورها على مذهبها فإن مصر في حلّتها الجديدة انفردت – بحسب علمي المتواضع – عن باقي دساتير الدول العربية والإسلامية بالنص على انتمائها إلى أهل السنّة والجماعة ، لتضع حدّاً أو تبعث رسالتين : أولاهما للمحاولات المحمومة لنشر التشيع فيها وثانيهما لبقية الدول ليُصار إلى النص بكل وضوح إلى هويتها وانتمائها أسوة بمصر العظيمة .

على أن هنالك رسالة ثالثة نوجهها لمصر وجميع دول العروبة والإسلام لأن تنهض بواجباتها والتزاماتها تجاه مذهب أهل السنّة والجماعة ، فتعمل على إعزازه وحفظه ونشره  وعدم ترك سوح النشر والدعوة مفتوحة على مصارعها إلى غيره من المذاهب فيما أهل السنة والجماعة غائبون وغافلون ولا يحرّكون ساكناً تجاه استحواذات وانتشارات هم أولى بها ، وحان الوقت لأن يأخذوا زمام مبادرة نصرته والوقوف إلى جانبه وبذل الغالي والنفيس لنشره .

سانحة :

في مناكفات المعارضة المصرية على الدستور ؛ تفاجأنا  بأن المادة (219) نفسها هي سبب اعتراض السيد عمرو موسى على الدستور حيث فسّر أن النص فيها على (  أهل السنة والجماعة ) معناه سيطرة السلفيين والإخوان المسلمين على  مصر  ، إذ فسّر ( أهل السنة ) بأنهم السلفيين و( الجماعة ) تعني جماعة الإخوان المسلمين ! ولكم أن تتصوّروا حجم النسيان والإهمال وعدم العناية الذي طال مذهب أهل السنّة والجماعة مادام أن شخصاً بحجم ومكانة عمرو موسى تبوأ منصب وزير خارجية ثم تقلّد لعدّة سنوات منصب أمين عام الجامعة العربية ، ومع ذلك لايعرف ماذا تعني عبارة ” أهل السنّة والجماعة ” !!! إيش ترك للباقين ؟!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s