في مساء يوم الخميس الماضي ( ليلة الجمعة ) شاءت الصدف أن تسوقني مع بعض أصدقائي للذهاب إلى أحد المطاعم في المنامة ، وبينما نحن في الطريق مررنا على ذاك الشارع الموجود فيه أحد الفنادق الكبيرة حيث لاحظنا أن ازدحاماً غير طبيعي – بالنسبة لنا – يحدث على هذا الشارع ، فالسيارات بالكاد تتحرّك ، الوقوف على أرصفة جانبي الطريق ، حركة مشاة ، ذهاباً وإياباً .
قادنا الفضول للتعرّف على ما يجري ، ربما هنالك حادث أو شيء ما قد تسبّب في اكتظاظ المكان بالأفراد والسيارات . اقتربنا شيئاً فشيئاً ، وجدنا أن هنالك ما يشبه المبنى الصغير ، أمامه شباك نافذة قد اصطف لها طابور من الناس ، حركتهم سريعة ، لا يتعطّلون رغم أن الطابور ليس صغيراً ، بل يتزايد الواقفون فيه .
استرعى الانتباه في هذا الطابور أمران : أولهما : أن كثرة من الواقفين فيه – ربما يزيدون على النصف – متلثمون باستخدام الشماغ والغتر ، بحيث أن وجوههم مخفية ومغطاة . وثاني الأمرين : أن ما يتم استلامه من هذه النافذة يكون ملفوف في أكياس سوداء تشبه أكياس القمامة ( أعزكم الله ) .
بالنسبة لي ؛ كان المشهد أشبه باللغز ؛ ازدحام ، وجوه متخفية ، أشياء في أكياس سوداء ؟ فجأة قفزت إلى ذهني فكرة أن كل هذا الازدحام والطابور من أجل الحصول على تذاكر دورة كأس الخليج المقامة في ربوع البحرين ، والتي تقرر توزيعها بالمجان ، فما كان منّي إلاّ أن سألت شخصاً مّر بنا في الشارع وفي يده ( الكيس الأسود ) : أخوي هل يوزعون هنا تذاكر بطولة الخليج ؟ ردّ علي غاضباً ( بلهجة خليجية ) : الله أكبر عليك ، الله أكبر عليك ، ماتعرف شنو يبعون هنه ؟ الله أكبر عليك .. تركني وذهب !
بالطبع عرفت فيما بعد ماهية البضاعة ، وأدركت سبب تغطية الوجوه وكذلك سبب سواد الأكياس . وقد كان أجدادنا وآباؤنا وأمهاتنا يسمونها ( المخزي ) أعزّ الله السامعين .
سانحة :
ألم يكن بإمكان منظمي دورة كأس الخليج تأخير موعدها ، ولو لبضعة أيام يتفادون امتحانات أبنائنا في المدارس والجامعات الذين للأسف تزامنت امتحاناتهم مع هذه البطولة الخليجية التي هي مناسبة رياضية يترقبونها ويتمنون التفرّغ لمتابعتها !!