للتذكير فإن الاختبار المقصود للمصداقية هو أن تختار مبدأ معيناً وتراقب مدى تطبيقه في عدة مواقف وقضايا يستلزم لإثبات المصداقية وتجاوز امتحانها بنجاح الصمود على ذات المبدأ وعدم الحياد عنه مهما كانت الضغوطات أو الإغراءات ، وذلك على اعتبار أن المصداقية قيمة أخلاقية يكتسبها الفرد أو الجماعة أو الدولة بناء على تصرّفاته وممارساته . الفاشلون ؛ وحدهم وليس غيرهم هم الذين يتنازلون عن هذه القيمة ويسقطونها من حساباتهم ، إما بسبب المال والرشاوى بأنواعها أو لأسباب شخصية أو عاهات خلقية تشعرهم بأنهم سفهاء أو تضفي عليهم أحاسيس حماقة وصفاقة يلمسها كل الناس فيهم لكنهم يجهدون أنفسهم في إبعادها عنهم .
اختبارنا عن المصداقية اليوم سنستضيف فيه السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي وقف إبّان الأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين ، بالضبط في شهر مارس من العام 2011م فقال : ” القضية البحرينية قضية شعب وحكومة ينبغي أن تُحلّ ، ونحن ندعو حكومة البحرين إلى أن تستجيب لهذه المطالب ” ووصف حكام البحرين والسعودية وليبيا بأنهم ” طواغيت جبناء ، رأينا كيف يتعاملون مع المطالبين بحقوقهم سلمياً، في ليبيا والبحرين والسعودية ” . فما الذي حدث بعد ذلك ؟
يدور الزمان دورته ، فيواجه المالكي نفسه ثورة غضب عارمة تدخله رغماً عنه في اختبار المصداقية لتكشف مقدار صموده على تصريحاته السابقة بشأن مظاهرات أو حراك البحرين . المالكي لم يستمر طويلاً في هذا الاختبار ؛ فهو منذ الأيام الأولى خرج على جماهير شعبه العراقي مزمجراً ومتوعداً حراكهم ومظاهراتهم قائلاً لهم : ” انتهوا قبل أن تُنهوا ” . أمس الأول أيضاً حذر المالكي نفسه المتظاهرين من ” من الاستقواء بأطراف إقليمية لإضعاف هذا الطرف العراقي أو ذاك ” مؤكدا أن هذا الأمر من شأنه أن يفتح على العراقيين أبواب الشر ” .
سانحة :
قد نتفق أو نختلف ، وقد نثني أو ننتقد ، وقد نمدح أو نذم ، وقد نُفرِط أو نفرّط ، وقد نفرح أو نحزن ، وقـد نبالغ أو نشـطّ في كثير من أمـورنا وممارساتنا وتعبيراتنا ؛ لكننا يجب أن نخشى من الظلم ، لأن عاقبته كبيرة ، وعاجلة حيث قال سيد البشر صلى الله عليه وسلّم : “ما من ذنبٍ أجدر أن يعجّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”.