راصد

حريق المخارقة

صدر بتاريخ 6 أكتوبر 1978 قرار رقم (8) لسنة 1978 بتحديد الاشتراطات والمواصفات الصحية لمساكن العمال تضمن عدداً من الاشتراطات الصحية والبيئية الملزمة لأصحاب الأعمال تجاه العمالة الأجنبية بمختلف جنسياتها . وفي عام 2006م ، بالضبط في 7 سبتمبر 2006 صدر قرار رقم (9) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام القرار رقم (8) لسنة 1978 بتحديد الاشتراطات والمواصفات الصحية لمساكن العمال. وأهم ما جاء فيه ” على صاحب العمل أو من ينوب عنه إخطار وزارة العمل بالمقر الذي يخصصه كسكن للعمال من حيث موقعه ومساحته وعدد العمال وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ هذا التخصيص وتقوم وزارة العمل بإثبات هذا الإخطار في السجل المعد لهذا الغرض وإخطار البلديات والدفاع المدني” .

من يقرأ هذه المواصفات والاشتراطات الصادرة قبل حوالي أربعة عقود من الزمان يدرك أنها مناسبة ، بل مثالية ولا يعتريها أية إشكالية سوى أنها ربما لم تغادر الورق المكتوبة فيه أو في أحسن الأحوال لم يجر تطبيقها كما هي .

سكن العمال الذي حلّت به كارثة يوم الجمعة الماضي وأودى الحريق الذي شبّ فيه بحياة (13) عاملاً وعدد من الإصابات منها سبعة في حالة حرجة جداً ؛ ليس هو الوحيد في سوئه وعدم ملائمته وتكدّس العمالة فيه حتى أن بعض التقديرات تشير إلى تجاوز ساكنيه (120) شخصاً وأكثر . هذا النوع من المساكن المؤسفة ليست في المخارقة فحسب وإنما هي أيضاً في مناطق على امتداد البحرين ، في أوساط الناس والعائلات ، بحّت الأصوات من كثرة التحذير من مخاطرها على السلامة والصحة والبيئة فضلاً عن مخاطرها الاجتماعية التي أدّت إلى أن تشهد مناطق عريقة خاصة في المحرق حالة من الظعن عنها لتصبح ( فرجانهم ) كأنها ( خان ) لهذه العمالة الآسيوية لاتقل في خطرها وسوئها لو لا سمح الله شبّ فيها حريق مثل حريق يوم أمس الأول في المخارقة .

 لا أعتقد أن التحقيقات التي تُجرى حول أسباب هذا الحريق الذي أودى بحياة هذا العدد ستسفر عن شيء غير الإهمال وعدم مناسبة السكن لاشتراطات واحتياطات السلامة وغياب دور الرقابة والتفتيش أو إن شئتم غياب الجدية في حل مشكلة مساكن العمال الأجانب بصورة أدّت إلى مثل هذه الكارثة الإنسانية . نسأل المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويدخلهم فسيح جنانه ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان .

سانحة :

حينما نقرأ أو نسمع بعض القصص والحكايات عن تحمّل المسؤوليات في غير بلداننا العربية والإسلامية تجعلنا نقف أمامها مأسورين ومستغربين حدوثها ثم نندب حظوظنا ونشكو حالنا وعدم حصولها في أوطاننا وكأننا جزء آخر من العالم لاعلاقة لنا بما يحدث هنالك . في تلك الدول تكون الاستقالات التي تحدث عندهم من قبل الوزراء وكبار المسؤولين ، إما بسبب مواقف مبدئية أصروا على عدم تجاوزها أو لفضائح أو حوادث أو كوارث تقع في نطاق مسؤولياتهم وإشرافهم رأوا أنه لا يصلح معها بقاؤهم في مناصبهم أو لأخطاء يصعب تحملها والبقاء على رأس تلك المؤسسات المخطئة أو لفشل سياسات واستراتيجيات ظلوا ( يطنطنون ) عليها سنوات وسنوات قبل أن يكتشفوا عوراتها وخسائرها فلم يكن أمامهم من بدّ من الاستقالة والانسحاب فيحفظوا ماء وجوههم ويكبروا في أعين الناس الذين يحفظوا لهم جرأتهم وشجاعتهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s