راصد

زيادة الرواتب لاتكفي وحدها !

لسبب أو أسباب ما ؛ يعتقد كثيرون أن منتهى الآمال هو أن يجري زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين ، فذلك أدعى لتحسين سويّة معيشتهم وزيادة مداخيلهم ودعم صمود جيوبهم . وبالطبع ليس من شكّ في أهمية ذلك ومدى الحاجة لإقرار وإمضاء هذه الزيادة التي بات الحديث عنها ملاك المجالس والديوانيات ، وهاجس الناس عند تداول أو قراءة أي شيء يخص الميزانية الجديدة للدولة .

غير أنه بالرغم من الأهمية البالغة للزيادات إلاّ أنها قد لاتحقق لأصحابها الآمال المرجوة في تحسين أوضاعهم المعيشية حيث أن الأسعار غير المنضبطة في غلائها وارتفاعاتها وأنياب التضخم وما يتبع ذلك من نزول لقيمة العملة ؛ كل ذلك كفيل بأن يفقد أي زيادة ( مزيّتها ) ويقلّل من قيمتها وفائتها ، وربما يجعلها بعد حين ، كما العدم ، كأنها لم تكن ، ويرجع الناس بعدهم يندبون حظهم وسوء معيشتهم ويطالبون بزيادات أخرى .

في اعتقادي المتواضع ، أن تحسين الأوضاع المعيشية ، إنما  هو مسار  من عدّة خطوط يصعب تركيز الجهود على أحدها بينما تُترك بقية الخطوط دون مساس أو يهملها السالكون ولا يعطونها ذات أهمية مسعاهم في زيادة الرواتب التي مهما ارتفعت نسبتها لن تحلّ – مثلاً – لعشرات الآلاف من المواطنين المسجلين على قوائم الانتظار أزمتهم الإسكانية ، تُطوى سني أعمار هؤلاء المسجلين – ومثلهم أو أكثر منهم ممن استبعدتهم الشروط عن التسجيل –  ويقاربون الشـيخوخة وهم ينتـظرون رحمة المولى عز وجل بأن يحصلوا على سكن يضم على الأقل أبنـاءهم وأحفادهم بعدما مضى – أو كاد-  قطار أعمـارهم . تذهب جلّ مداخيلهم لتوفير شقق ومساكن لهم بإيجارات لاضابط لها سوى مزاج المغامرين في سوق العقارات والمتلاعبين فيها والناهبين والسارقين للأراضي في البراري والبحار .

إن توفير السكن اللائق بالمواطن وضبط أسعار الإيجارات في إطار يسمح أو يتناسب مع مداخيل المواطنين ووقف عمليات الاستيلاء بغير حق على الأراضي واعتبارها مدخرات وطنية توضع تحت تصرّف المشروعات الإسكانية أو إتاحة بيعها لعموم المواطنين بأسعار بسيطة أو رمزية أو حتى بقيمة تكلفتها وكبح جماح السماسرة والمقايضين والأثرياء بغير وجه حق وما شابهها من صور تحتاج إلى جهود وقرارات وتشريعات أهم وأولى من زيادات في رواتب قد لاتغني ولاتسمن من جوع إذا لم تتوازى معها في خطوط ومسارات أخرى ترى أن تحسين حياة المواطن تكمن بالإضافة إلى الراتب المناسب ؛ سكن ورسوم وأسعار وخدمات هي في متناول راتبه ، لاتخرج عنه ، ولاتتغوّل عليه .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s