راصد

من أجل زيادة ملموسة وذات أثر حقيقي

 وتبعاً لما ذكرناه بالأمس من أن أي زيادة يجري الكلام عنها في رواتب الموظفين والمتقاعدين ينبغي لها أن تسير جنباً إلى جنب مع إجراءات وتشريعات وقرارات أخرى تحفظ لأي زيادة قيمتها وأثرها ، ولاتتركها عرضة للتبخر وفقدانها أي مردود حقيقي وملموس على تحسين سويّة معيشة المواطنين ؛ تبعاً لذلك فإن المطلوب لهذه الزيادات أن تكون مجزية ، محققة لأغراضها ، وليس مجرّد زيادة ، بأي نسبة زيادة . ولن يتحقق ذلك إلاّ بعد دراسة دقيقة يتم فيها مقارنة الرواتب الحالية بالمتطلبات الحياتية والأعباء الاجتماعية والصعوبات المعيشية بحيث تخلص هذه الدراسة على الأقل إلى تحديد مستوى مقبول وكذلك معقول للحد الأدنى من تلك الرواتب يستطيع معه المواطن أن يوفر حاجاته الأساسية ومستلزمات أبنائه من سكن ودراسة ولباس وطعام وماشابهها من الضروريات والمستلزمات على مدار الشهر الواحد وليس نصفه أو العشرة الأيام الأولى منه  فقط .

فالمتقاعدون – على سبيل المثال – يُقال أن الفئة الغالبة منهم لاتزيد معاشاتهم التقاعدية عن (300) أو (400) دينار ! ولكم أن تتصوّروا أن هؤلاء الذين قضوا زهرة حياتهم في خدمة وطنهم كيف يستطيعون بهذا الدخل الشهري تدبير شؤون حياتهم – ومعهم أبنائهم وزوجاتهم وربما أحفادهم – في تالي أعمارهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلّم ” اللهم اجعل أوسع رزقي عند كبْر سني وانقطاع عمري “.

بل لكم أن تتخيّلوا ماهو مبلغ الزيادة الواجب إضافته على معاشاتهم التقاعدية حتى تتعدّل معيشتهم وتتحسّن مستوياتهم بما يتناسب مع تقديرنا وشكرنا لهم ، وقد بلغوا هذه السن التي يحتاجون فيها للراحة وليس العكس ؟ في اعتقادي المتواضع إن زيادة المعاشات التقاعدية بـ (50) أو (100) دينار لهذه الفئة الكبيرة من المواطنين ، وهم أرباب أسر أو أرامل ؛ لن يغيّر من أوضاعهم شيئاً يُذكر رغم أني أعرف أن هذه الفئة العزيزة من المتقاعدين وأصحاب المعاشات التقاعدية ينتظرون بفارغ الصبر أي زيادة ، حتى ولو كانت دينار واحد ، لفرط حاجتهم وصعوبة أحوالهم التي يحتاج معها أي قرار لزيادة  معاشاتهم أن تتركز فلسفته أننا نريد لهم أن يعيشوا كرماء متعففين قادرين على تلبية متطلباتهم مع عائلاتهم دونما سؤال أو تسوّل .

وبالتالي لا مناص من الذهاب إلى بدائل ومسارات متوازية ترتقي بحياتهم وتسهم في تعديل أوضاعهم وتنتشلهم من مشكلات العوز والحاجة في تالي أعمارهم ،  لنفكّر مثلاً في تخفيضات مجزية لهم في رسوم خدمات الكهرباء والماء والاتصالات أو توفير بعثات أو مساعدات دراسية لعدد من أبنائهم ، أو لنوفر لهم تأميناً صحياً يحقق لهم علاج وتداوي في تالي أعمارهم أو ماشابه ذلك من أمور تساعدهم وتقلّل تكاليف حياتهم وتسيير أمور معيشتهم .

 على العموم لست ضد زيادة الرواتب ، فهي يجب أن تكون اليوم قبل الغد لأن الحاجة لها باتت ماسّة جدّاً ؛ لكن يجب أن تكون هذه الزيادة مجزية وكافية ، ووفق دراسة ومعها مسارات أخرى تضمن الاستفادة منها ، وتجعلها زيادة ملموسة وذات أثر حقيقي وليست مجرّد رقم يُضاف إلى راتب سرعان مايُقال عنه ” كأنك يابو زيد ماغزيت ” !

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s