نافذة الجمعة

محمد فنتاسنتي

هو شاب أفريقي الملامح التقيته في منتصف العام الماضي حينما كنت في زيارة رسمية لأوغندا حيث الطبيعة الخلابة في قلب أفريقيا الساحرة ، تتميز بأنها على ضفاف بحيرة فيكتوريا الشاسعة وضمّها لمنابع نهر النيل الذي يُعد أطول أنهار العالم وفيها شلال سيزيوا ، وهو من أكبر الشلالات المعروفة . أوغندا أو ( يوغندا ) هي موطن غوريلا الجبال ومركز الغابات والأدغال الأفريقية بوحوشها الكاسرة ، أجواءها تستهوي السياح الراغبين في المغامرة ومتابعة الإبداع الإلهي من خلال الجمال الذي تحظى به مساحات واسعة من هذه البلاد .

أراضيها الخضراء على مدّ البصر ، مزارع الشاي ومزارع الموز ومزارع البن منتشرة في كل مكان ، شعبها يبلغ تعداده (28) مليون نسمة ، وهم بعيدون عن التحضّر لكنهم في الغالب مسالمون ودودون ، وأعتقد أنه رغم فقرهم الشديد إلاّ أنهم شعب لايجوع ، ولم تعتريهم أية مجاعة كما أصابت جيرانهم لأن أرضهم تمدّهم بالخيرات حتى بدون جهد ريّ وسقيا ، تلك الأراضي هي سلّة غذاء العالم . أطلق عليها تشرشل لقب ” لؤلؤة أفريقيا ” . من يزورها يدرك فعلاً أنها أهل لهذا اللقب عن استحقاق وجدارة .

صاحبنا ، محمد فنتاسنتي – إذا لم تخنّ الذاكرة بشأن اسمه – شاب يتحدّث اللغة العربية الفصحى بطلاقة فقد تخرّج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة ، وبدا واضحاً على محيّاه حجم التزامه الديني ، اكتشفت أثناء حديثي معه امتلاكه حماساً كبيراً لنشاطه في الدعوة الإسلامية وبث الوعي بتعاليم الدين الحنيف في أوساط هذا الشعب الذي تبلغ النسبة المعلنة – على حدّ قوله – للمسلمين (41%) وهو يعتقد أنها أكبر من ذلك .

محمد فنتاسنتي أثناء كلامه عن نشاطه وحماسه لم يستطع أن يخفي حزناً وقلقاً وربما إحباط مفاده أن الدعوة للإسلام في بلدهم لانصير لها ، ولا يتحصّلون على أي دعم يُذكر ، مع استثناء بعض جهود منظمات خيرية معدودة في الوقت الذي – يقول فنتاسنتي – المراكز والمنظمات الإيرانية لاحصر لها ، وهي تنشر ( التشيّع ) على نطاق واسع ، وبالطبع من دون منافس !!

صاحبنا يستغرب هذا الجهد ، وهذا الدعم ، ويتحسّر على غياب الآخرين ، غياب الدول الإسلامية عن دعم إخوانهم المسلمين والمحافظة على هويتهم وانتمائهم في هذه المنطقة الحيوية من أفريقيا . هو لايعلم أننا غائبون عن كل أفريقيا وأننا تخلينا عن واجب نشر الإسلام ودعم جهود الدعوة إليه ، ليس في أفريقيا فحسب وإنما في كل مناحي العالم . أصلاً لم يعد ذلك ضمن اهتمامات أنظمة الحكم عندنا التي تراقب التحرّكات الإيرانية وتنتقدها وتستنكر امتداداتها وأنشطتها ، لكنها تعجز أن تقدّم البديل عنها أو تقوم بذات دورها في تلك الدول التي نحن أولى بها من غيرنا لولا حالة التخاذل والانكفاء والتردي .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s