نافذة الجمعة

” الأزواد ” ليست ساحة حرب خليجية

هي منطقة تقع في أفريقيا ، هناك في أدغالها وغاباتها المنسية أو المهملة من جانب غالب – إن لم يكن جميع – الدول العربية والإسلامية ،جرى إهمالها وتعمّد إبقائها على فقرها كحال بقية تلك الدول الأفريقية التي تغصّ أراضيها بمختلف أنواع الخيرات لكن الاستعمار أرادها أن تبقى تبعاً له ينهل من كنوزها ماشاء له ويستولي على مخازنها الطبيعية دونما ثمن ، ودونما حسيب أو رقيب .

” الأزواد ” منطقة غنية بالموارد الطبيعية حتى أنه يُقال بأنه يوجد بها نصف الإنتاج العالمي من الذهب ، ويوجد بها أكبر بحيرة مطمورة تحت الماء ، لكن الأهم هو أن فيها اليورانيوم حيث تعتمد عليه فرنسا وبعض الدول الغربية لتشغيل مفاعلاتها النووية ، وذلك بالضبط سبب التدخل العسكري الفرنسي والتحالف الدولي ، أعني الذهب واليورانيوم وبقية خيرات ” الأزواد ” من المعادن النفيسة . فالفرنسيون والأمريكان وعموم الغرب لايتدخلون ولايقدّمون خدمات لله أو لأجل ” الأزواديين ” أو لسواد عيونهم أو من أجل الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية أو الاستقرار أو القضاء على الإرهاب أو غيرها من المصطلحات البرّاقة والفضفاضة والفاقدة للمصداقية .

” الأزواد ” منطقة لانعرفها أو لم يسبق للكثيرين من العرب والمسلمين السماع بها رغم أن غالب سكانها من العرب والطوارق ممن
يدينون بالإسلام وعلى مذهب أهل السنة والجماعة ، ومنهم مجاميع عالية من حفظة القرآن الكريم ومتمسّكون بالدين الصحيح حتى أن محاولات كثيرة لإبعادهم عن مذهبهم أو تحويلهم عن دينهم ؛ باءت بالفشل .

الاستعمار الفرنسي لـ ” الأزواد ”  في القرن التاسع عشر لم يستطع الصمود نتيجة للمقاومة الباسلة لأهلها فسلّمها لجمهورية مالي التي ارتكبت مذابح ومجازر عنصرية في حقهم حتى تمكن ” الأزواديون ” من الاستقلال وتحرير بلدهم عام 2012م ، وهو الأمر الذي لم يطيقه الفرنسيون ولايتحملون هم والغرب أن يسيطر مسلمون على مثل هذه المنطقة الغنية بخيراتها ومعادنها و” يورانيومها ” فقرّروا التدخل عسكرياً لإبادتهم ومعاقبتهم فاستخدموا الفزّاعة الشهيرة ” الإسلاميين” أو ” تنظيم القاعدة ” .

هناك في الأدغال والغابات تدور حرب طاحنة وتُرتكب مجازر رهيبة في حق هؤلاء العرب والمسلمين ، تُزهق الأرواح وتُتنهك حقوق الإنسان وتُداس آدميتهم ، والأنكى من ذلك أن هذه الحرب يُراد لها أن تكون مدفوعة الثمن من قبل الدول العربية والإسلامية الذين تم جمعهم تحت غطاء الشرعية الدولية ليتحمّلوا قيمة وتكاليف الحرب الظالمة ضد ” الأزواديين ” !!

الشرعية الدولية أداة بيد الأمريكان والغرب لاتتحرّك إلاّ حينما يكون الأمر متعلقاً بمصالحها ووفقاً  لمقاييس محدّدة ومبررات مفصّلة على المسلمين فقط ، بالحصر والقصر . وللأسف فإن ” الأزواد ”  – ونخشى أن يكون في غابات أفريقيا وأدغالها أمثالهم كثُر – لم تستطع دولنا العربية والإسلامية الوصول إليهم ، لترعاهم وتنتشلهم وتحفظ لهم أرواحهم ودينهم وتكون عمقاً وحضناً لهم بدلاً من تركهم لقمة سائغة للآخرين يفترسون خيراتهم وينهبون ثرواتهم ويستبيحون دماؤهم ويفتكون بأرواحهم ، ثم يُطلب منّا – خاصة في الخليج – أن ندفع تكاليف الحرب والقضاء عليهم !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s