راصد

الكنار والحوار

من أكثر التعريفات التي قرأتها شمولاً وبياناً لنظرية المؤامرة هو ما ورد في موسوعة ويكيبيديا الذي يعرّفها فيقول : ” هي قيام طرف ما معلوم أو غير معلوم بعمل منظم سواءً بوعي أو بدون وعي ، سراً أو علناً ، بالتخطيط للوصول لهدف ما مع طرف آخر ويتمثل الهدف غالباً في تحقيق مصلحةٍ ما أو السيطرة على تلك الجهة ، ومن ثم تنفيذ خطوات تحقيق الهدف من خلال عناصر معروفة أو غير معروفة “. وهنالك من يبالغ في تفسير الأحداث وتأويلها على أنها في سياق عمل منظم ينتهي به المطاف إلى أنها مؤامرة . وقد تكون تلك الأحداث كبيرة أو صغيرة ، وقد ينبني عليها تغييرات سواء مادية أو معنوية ، بل قد تجري تحوّلاً في الرأي العام أو الوعي الجمعي للجماهير .

مناسبة تلك المقدّمة هو أن تفسيرات كثيرة يجري تداولها عن أسباب بدء الحوار وانطلاقته – شبه المفاجئة – من دون تحقق تلك الشروط التي سمعناها وتم تكرارها في شكل بيانات وتصريحات ، خاصة من الدولة وممثلي المكوّن الآخر في مجتمعنا البحريني بشأن ضرورة وقف العنف قبل الدخول في أي حوار .

يكفي – للتدليل – على ذلك هو قيام أي أحد بزيارة صاحبنا على الشبكة العنكبوتية ( Google ) ليكتشف أن غالب – إن لم يكن جميع – تصريحات وبيانات الدولة وجمعيات إئتلاف تجمع الوحدة الوطنية والمستقلين تشترط وقف العنف كمدخل رئيس لأي عملية حوارية ، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حينما أضاف لوقف العنف أيضاً الاعتذار عمّا جرى .

وكان ذلك الشرط ( وقف العنف ) هو الموقف البارز والمعلن الذي توافقوا عليه جميعهم ، ليس باعتباره فقط مطلباً منطقياً لابد من تحقيقه قبل أي عملية يجلس فيها أطراف تتفق على حلول سياسية ومجتمعية دونما أية ضغوط أو تهديدات تؤثر على نتائج الحوار ومخرجاته ، وإنما كان ذلك أيضاً مطلباً دعت إليه جماهير الناس ودعمته خاصة بعدما استبدلت من أجوائنا زقزقة العصافير وتغريدات البلابل لتحلّ فيها أبواق سيارات الشرطة والإسعاف .

غير أنه انطلق الحوار وحضرته كل الأطراف  لكن الشرط المعلن والمكرّر ( وقف العنف )  أصبح هو الغائب الوحيد الذي أثار تساؤلات كثيرة عن سبب تواريه عن الأنظار واختفائه من التصريحات والبيانات . الحوار بدأ لكن العنف لم يتوقف ، وأعتقد أنه ليس سرّاً أنه زاد .

وبالتالي ماالذي حدا مما بدا  ؟ وماالذي أسقط ذاك الشرط المهم ؟ هو السؤال الذي تبادر الجميع إلى طرحه حول تنازل أصحاب تلك التصريحات والبيانات عن شرطهم وقبولهم الدخول إلى الحوار بدونه رغم أنهم كانوا أقوياء عندما أصرّوا عليه. التأويلات والتحليلات في هذا الشأن كثيرة ، لعلّ أطرفها هو نسبتها إلى نظرية المؤامرة ، إذ يُقال في هذا الصدد أنه تم إشغال الرأي العام بقضية الكنارات الثلاث الذي ( سرقها ) وافد آسيوي بعد سقوطها بالقرب من إحدى المزارع لينتهي به المطاف بأن يكون جزاءه الحبس الاحتياطي (22) يوماً !! حيث تناولت هذه القضية ( الكنارات الثلاث ) مجالس الناس ومنتدياتهم وضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي مابين مستهزيء بتفاهة المسروقات ومستغرب من صاحب الشكوى ومستهجن قساوة العقوبة ومتحسّر على مسروقات بمئات الألوف أو ملايين الدنانير لم تنالهم عقوبة صاحب الكنارات الثلاث ! وبينما كان الوعي الجمعي منشغلاً أو مشتغلاً بالكنار ؛ في هذه الأثناء انطلق الحوار ودخلته الأطراف جميعها بمن فيهم من كانوا يعلنون ” لاحوار والعنف موجود ” .

سانحة :

وعلى العموم ؛ سواء كانت نظرية مؤامرة الكنارات الثلاث جدية أم هي على سبيل ( النكتة ) فإن السؤال عن سقوط ذاك الشرط يبقى قائماً ومحيّراً ويحتاج من أصحابه سواء في الدولة أو الائتلاف أن يطمئنوا الناس على أسباب إلغائه من مواقفهم واختفائه على هذا النحو .. !

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s