راصد

الاستجداء والاستحمار

من المرجح أن تشهد احتفالية الذكرى الثانية لتجمع الفاتح التي تصادف اليوم 21 فبراير 2013م حضوراً نتمنى من كل قلوبنا أن يكون كبيراً وكثيفاً ومعبراً عن حجم الزخم الشعبي الذي انطلق آنذاك في ساحة الفاتح حباً للبحرين وخوفاً عليها من الاختطاف وشكّلت تلك الوقفة التاريخية جبهة صدّ وردع لايمكن تجاوزها أو تحجيم آثارها حينذاك .

أتمنى أن تكون وقفة اليوم ليست أقلّ شأناً وأثراً من سابقاتها رغم حالة الإحباط والاستياء التي يشعر بها الناس لما آلت إليه الأمور في تجمعهم الذي كانوا قد بنوا عليه آمالاً وطموحات كبرى ، وظنّوا فيه المارد الذي سيعبّر عن وجودهم ومطالبهم ومواقفهم ، وسيعلي من شأنهم وسيجمع شتاتهم وسيرصّ صفوفهم وسيوحد كلمتهم .

غير أن التمني لايمنع من دعوة القائمين على أمر هذا التجمع – سواء بعد تقزيمه إلى مجرد جمعية من الجمعيات أو ما أسموه الآن بإئتلاف الفاتح –  من إعادة النظر فيما آل إليه حالهم وأدائهم وإنجازهم ، وقبل ذلك التفكّر في حجم الاستياء ودواعي الإحباط  وأسباب الانتقاد الموجه إليهم من عموم الناس ، وعلى الأخص أبناء المكوّن السني الذي من المفترض أنهم ممثليه ، حيث ضجّـت هذه الأيام منتديات الناس ومواقع تواصلهم الاجتماعي والإلكتروني بانتقادات كثيرة ومتنوعة وصلت إلى حد تحوّلها إلى دعوات لمقاطعة تجمع اليوم بصورة لا يمكن الإنكار على أصحابها رأيهم في ظل أجواء إحباط ربما غير مسبوقة وتستحق أن يجري تقبلها ودراستها والوقوف على الممارسات التي أدّت إلى هذا الشرخ ودفعت القائمين على تجمع اليوم إلى بذل جهود مضاعفة في إقناع الجمهور بالحضور وتحشيدهم بشكل هو أقرب إلى الاستجداء !!

المؤسسات أو الجمعيات أو الأحزاب  النابضة بالحياة هي التي تتقبّل النقد البناء والناصح حتى ولو كان قاسياً ومؤلماً ، وهي التي تحترم أعضائها وقواعدها بشخوصهم وآرائهم ، وهي التي تفيض بالحيوية والعطاء والتجديد ، ولديها من الجرأة والشجاعة حتى أن تغير قادتها ورموزها حينما يفشلون في حفظها ويعجزون عن تحقيق آمال أتباعها والنهوض بأهدافهم وبرامجهم التي أعلنوها أو يثبتون على مواقفهم ومبادئهم .

أما الاستحمار : فإن هنالك ألفاظ جديدة وغريبة يجري استخدامها في لغة التخاطب في بعض الكتابات والأعمدة الصحفية أثناء الرد على المخالفين في الآراء ، هذه الألفاظ تتعدّى مقارعة الفكرة وحدود إبداء الرأي لتنتقل إلى حالة القذف والسباب وتصل إلى حدّ وصف الآخرين بالاستحمار . والعجيب أن أصحاب هذه اللغة الجديدة دائماً ما ينادون بأهمية حرية التعبير وقبول الرأي الآخر وكذلك الديمقراطية وما شابه ذلك من هذه البضاعة التي يفضح كسادها لجوئهم إلى سبّ مخالفيهم على هذا النحو ..

سانحة :

قبل بضع سنين قليلة من الآن ؛ كان بعضهم وبعضهن من كبار من يدعون ويدعين إلى الانعزال عن العمل الجماعي والبعد عن الانتماء الحزبي وبقاء الناس مستقلين وبعيدين عن مؤسسات المجتمع المدني ، كانوا ينظّرون لذلك في محاضراتهم وكتاباتهم وبرامجهم . وكنّا نعرف أن تلك الدعوات إنما كانت لحسابات وتصفيات وأهداف معينة . لكن الآن انقلب هؤلاء ( بعضهم وبعضهن ) إلى درجة أن المرء لايملك حين يسمعهم أو يقرأ لهم سوى أن يقول : سبحان مغيّر الأحوال .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s