نافذة الجمعة

راشيل كوري

هي  ناشطة  أو على الأحرى بطلة أمريكية  استطاعت أن تحفر اسمها في الذاكرة الفلسطينية   بحيث أنه يجري سنوياً الاحتفاء بذكراها هناك لأنها  سطّرت بدمائها – وليس بقلمها – أسطورة تضامن حقيقية   مع واقع المعاناة الفلسطينية ، ميّزتها عن باقي قصص الدعم والتضامن التي على   كثرتها ، وبالرغم من نبلها إلاّ أن راشيل كوري قد تفوّقت عليها لالشيء سوى أنها   دفعت روحها  في سبيل ذلك الهدف.

راشيل كوري (Rachel Corrie) من   مواليد عام 1977م في مدينة واشنطن ، نشأت هنالك وترعرت وتعلّمت فيها حتى بلغت   مرحلتها الجامعية والتحقت بجامعة “إيفرغرين” لكنها فضلت أن تختلف   حياتها عن باقي الفتيات الأمريكيات ، انشغلت بالقضية الفلسطينية ، آلمتها   معاناتهم ، اعتصر قلبها من أجل الانتصار للحق . فغادرت حياة الترف واليسر التي   كانت تعيشها ، فانضمت مع مجموعة من الناشطين ودعاة السلام إلى حركة التضامن   العالمية وقررت السفر لقطاع غزة أثناء الانتفاضة الفلسطينية المباركة الثانية .

هناك تغيّرت تفاصيل حياتها ، عاشت مع الفقر ، شاركت الفلسطينيين آلامهم وحياتهم على وقع زخات الرصاص وأصوات الصواريخ والمدفعية ، كتبت الكثير من الرسائل والمذكرات حول تجربتها أو حياتها الجديدة ، تجاوزت الـ(180) رسالة. ومن أكثرها تعبيراً عما كان يجول في نفسها قولها : ” أعتقد أن أي عمل أكاديمي أو أي قراءة أو أي مشاركة بمؤتمرات أو مشاهدة أفلام وثائقية أو سماع قصص وروايات، لم تكن لتسمح لي بإدراك الواقع هنا، ولايمكن تخيل ذلك إذا لم تشاهده بنفسك، وحتى بعد ذلك تفكر طوال الوقت بما إذا كانت تجربتك تعبر عن واقع حقيقي” .

راشيل كوري أبت إلاّ أن تكون جزءاً حقيقياً من الواقع الفلسطيني ، رفضت الظلم والضيم الذي يعيشه أفراد الشعب الفلسطيني مع العدو الصهيوني ، خرجت عن الأسلوب التقليدي للتضامن معهم أو تقديم الدعم لهم أو الكلام والاستنكار ومجرّد الاستهجان . دافعت عن الفلسطينيين ليس بقلمها ومواقفها فحسب ، إنما سجل يوم السادس عشر من شهر مارس 2003م ملحمة دفاع وتضامن كانت راشيل بطلتها بلامنازع ، وذلك حينما جاءت ( البلدوزرات ) والجرافات لهدم منزل عائلة فلسطينية في مدينة رفح ، تعبر عن ظلم المكان والزمان ، فما كان من راشيل إلاّ أن تصدّت لهذه الجرافات بجسدها وحاولت منعهم من تنفيذ جريمتهم ، صرخت في وجههم : كفى ظلماً وعدواناً ، لكنهم لم يأبهوا لصرخاتها واستغاثاتها ، لم يتورعوا عن تعمد دهسها بجرافاتهم والمشي فوق جسدها لتختلط أحشائها وأشلائها بحجر المنزل الفلسطيني المهدّم . قدّمت روحها دفاعاً عن الفلسطينيين الذين بقوا أوفياء لذكراها ومواقفها .

          ” اسمي راشيل كوري” هو عنوان مسرحية بلجيكية لمؤلفها ومخرجها البريطاني ألان ريكمان ، تتطرق المسرحية إلى قضية معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والحياة الصعبة التي يعيشوها ، وتستند المسرحية إلى المذكرات التي كتبتها راشيل كوري أثناء وجودها في غزة ، وتبين وفاتها أو جريمة قتلها هناك المسرحية عُرضت في أنحاء كثيرة من العالم بما في ذلك فلسطين التي استضافتها عندما تم اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009بدعم من وزارة الثقافة الفلسطينية والمجلس الثقافي البريطاني .

سانحة :

قال تعالى” قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا “

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s