راصد

المشروعات أو الشركات الفاشلة !!

 قد لا أملك فطنة أهل المال والاقتصاد ولا حنكة رجال الأعمال والمستثمرين ولا حكمة التجّار ، وربما لايمكنني الخوض في لغة الأرقام وتحليل الإحصائيات أو التعرّف على لغة التكاليف أو المعادلات الرياضية أو ما شابه ذلك من تعقيدات مالية يتقنها آخرون من الخبراء والمتخصصون ،  لكنني – كغيري من الناس – لابد أن نفهم بصورة واضحة ودقيقة وواقعية سر الخسائر أو عدم الربحية التي تعاني منها عدد من شركات أو مشروعات الدولة الاستثمارية التي عند البدء فيها يجري الترويج لها ، لفوائدها ومنافعها على الاقتصاد والاستثمار بحيث نظن أن أبواباً من الرزق والخيرات ستنهال على الوطن والمواطنين ، وأن تنويعاً في الدخل القومي سيحلّ على ميزانية الدولة سوف يكسر احتكار اعتمادنا على البترول كمورد رئيسي .

هذه المشروعات أو الشركات يُقال عنها أنها جاءت بعد دراسات جدوى ، لم تترك شاردة أو واردة إلاّ وذكرتها ، رسمت خارطة طريق لها ، بكل تفاصيل حاضرها ومستقبلها ، من يستمع أو يقرأ لتصريحات فترة الترويج سيقتنع غصباً عنه بمقدار النجاح المتوقع ، وقد يسيل اللعاب لحجم الأرباح والعوائد التي يتكلمون عنها.

تزداد تلك الآمال بالنجاح ويرتفع سقف التوقعات حينما يتم – أيضاً – الإعلان عن أن أصحاب دراسات الجدوى إنما هم أبناء الجنسيات من النوع إيّاه ، سواء بريطانية أو أمريكية أو بلغارية أو سنغافورية أو يابانية أو استرالية أو اسكوتلندية أو ما شابهها مما تعرفونهم ، بل وقد تُترك لهم فرصة إدارة وتشغيل تلك الشركات والمشروعات بحيث أن بعضها يتحول أحياناً إلى مايشبه الشركة العائلية أو ( العزبة ) الخاصة لهذا المدير التنفيذي ، ينضم له أبناء عمومته وأقاربه وأصدقائه و… إلخ .

ولأن هذه المشروعات أو الشركات قائمة على دراسات تبشر بنجاحها وربحيتها الفائقة فإن رواتب موظفيها تكون عالية ، تناسب هذه التباشير ، ويكون للأجانب أو الخبرة الأجنبية الحظوة ونصيب الأسد ( والكرم الحاتمي ) في تلك الرواتب والمكافآت والمزايا بحيث أن أي زائر للجزر والمنتجعات الجديدة في البحرين سيشاهد أعداداً لابأس بها منهم ، من بين الملاّك والمؤجرين للفلل والشقق والشاليهات مما لايحلم بها عموم البحرينيين الذين تعجّ وتضجّ بهم قوائم انتظار طافت أعدادها خانة الـ (50) ألف يترقبون لهم ولأسرهم مايسمونه ( منزل العمر ) بالمساحات الضيقة التي تعرفونها وتشبهونها بـ ( أقفاص حمام ) .

وبعد أن تبدأ تلك الشركات والمشروعات في أعمالها ، وتنزل تلك الدراسات في الميدان وتتحرّك على الأرض ، يبدأ الصمت يلفها ، تقلّ التصريحات أو تدخل نوع من البيات الشتوي لايعكّره إلاّ بضع بيانات تظهر في موسم الاحتفال بصدور تقارير ديوان الرقابة المالية ، فيمس هذا المشروع أو تلك الشركات بـ ( شويّة ) تجاوزات وملاحظات سرعان ماتهدأ زوبعتها ويزول أثرها بانتهاء الموسم السنوي لتلك التقارير .

ثم تستمر تلك المشروعات والشركات في حركتها وأعمالها ، بالطبع بصمت ، حتى يظهر من يسأل أو يستفسر عن سبب تلاشي مردوداتها وصفرية أرباحها فيأتي من يرد عليه بقوّة ويصرخ في وجهه : لاتتدخل فيما لايعنيك ، ولاتتكلم فيما لاتعرف وتفهم ، هذه شركات ومشروعات ناجحة ولها مردودات اقتصادية تأتي في صيغة عوائد غير مباشرة ، وعليك أن تقتنع بصحة ذلك حتى لو تآكل رأسمال تلك الشركات أو المشروعات وتضاعفت أرقام خسائرها  واصطفت إخفاقاتها في خانة الملايين !!

 في الختام ؛ يأتي من يظهر للعلن مبيناً تعثّر المشروع أو الشركة ، وتردّي أوضاعها أو تزايد خسائرها أو حاجتها للدعم والتمويل والاقتراض لأجلها أو توقفها أو إشهار أفلاسها ، والمصيبة تقع في رأس المواطن الذي يكون هو الضحية ، بتسريحه وتضييع مصدر رزقه هو وعائلته وأبنائه . وغداً نكمل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s