راصد

شركة الخليج للتقنيات !!

لا أحد يعرف سر الفشل الذي تعانيه هذه المشروعات أو الشركات التي تنضوي تحت ما يسمى ” ممتلكات ” تلك الشركة التي أردناها عند إنشائها عوناً لاقتصادنا وتوقعناها رفعة لمواردنا ؛ فإذا بها تحتاج إلى من يعينها ، ويقترض لأجلها ، وتضيع مستقبل وأرزاق مواطنين اعتمدوا في مداخيلهم عليها .

اليوم بين يدي شركة أخرى ؛ يُقال أنها في طريقها لإعلان إفلاسها أو تصفيتها أو تسريح موظفيها . هي شركة الخليج للتقنيات ، لم يمض على تأسيسها سوى ثلاث سنوات ، بالضبط تأسست في شهر فبراير 2010م . كان يُراد لها أن تكون الذراع الاستثمارية في المجالات الصناعية والتقنية المتقدمة .

بدأت الشركة عملها بمشروع ضخم ، هو عبارة عن إنشاء مركز تقني متطور لتقديم خدمات الصيانة لمختلف الطائرات ، بجميع مستويات الصيانة . وذلك بناء على دراسة من استشاري أجنبي عملها عن سوق الطيران في عام 2010 وأكدها ذات الاستشاري الأجنبي في يناير 2013 . ويُقال الآن أن ذات الاستشاري الأجنبي هو نفسه الذي يُستخدم الآن لإغلاق وتصفية الشركة بعد مضي أقل من ثلاث سنوات على إنشائها !! يعني لو كانت برّادة أو بقالة كان دراسة جدوى لها أفضل من ذلك ، على الأقل في مدة بقائها .

بعض موظفي الشركة تم استقطابهم ومنحهم رواتب مجزية من أجل الالتحاق بها ، بالطبع رواتبهم أقل بكثير من الرواتب المجزية التي أعطيت للأجانب لكنهم قبلوا بالانضمام لها باعتبار أنها شركة واعدة ومجالها متميز ، أو هكذا يُفترض لولا أنهم تفاجأوا بعدة أمور ، هي مثار استغرابهم واستيائهم ، منها أن الشركة منذ تأسيسها بدون مدير تنفيذي ، وأن الشركة قد ابتعثت مايقارب الـ (250) بحرينياً للتدريب على صيانة الطائرات ، وهم على وشك التخرج الآن ، موعودون برواتب مابين (800) إلى (1200) دينار . الشركة حتى وقت قريب ، بالضبط في شهر نوفمبر الماضي – أي قبل حوالي خمسة أشهر من الآن – مستمرة في توظيف الناس بالرغم أن بوادر الضعف أو العجز أو الخسارة أو اللجوء للتصفية لاينبغي أن تكون مفاجئة ، ولابد من الشعور بها قبل فترة ، هكذا يُفترض ، بالطبع بحسب علمي المتواضع .

تفاصيل كثيرة ، بعضها محزن ومثير للاستغراب ، ليس مجالها الآن حيث أن مئات ممن التحقوا بهذه الشركة الوليدة ( ثلاث سنوات ) يواجهون خطر التسريح وفقدان أرزاقهم ، هؤلاء المئات وراءهم عائلات تعتمد في معيشتها على مداخيل هؤلاء الذين سيجري تسريحهم بدم بارد .

لاتخفى على أحد المصاعب المعيشية عند المواطنين وحاجتهم لمن يعدّل سويتها بدلاً من التلاعب والإساءة بها على هذا النحو الذي يجب على الدولة أن تتدخل لمساعدتهم وانتشالهم من خطر التسريح ، وقبل ذلك تتدخل الدولة وتبحث وتعيد النظر في أسباب الفشل والعجز والتصفية التي تعاني منها مثل هذه الشركات أو المشروعات التي – مثلما قلنا – كنا نريدها عوناً لنا وليس العكس ..

سانحة :

المعروف أن التقنيات الحديثة هي الباب الجديد للاستثمار ، تتنافس مختلف الدول على دخول مثل هذه السوق ، وتطويرها خاصة وأن أنظار الساسة والاقتصاديين الآن تتجه نحو الصراع القادم بين أمريكا والصين الذي شرارته ووقوده عالم التقنيات والإلكترونيات .

وربما سمعنا عن وادي السيليكون الذي أصبح معقل صناعة التقنية في أمريكا الآن ، وذلك بعدما اختارت أمريكا في فترة من الفترات  إحدى مناطقها الفقيرة في مواردها الاقتصادية للاستثمار فيها بالتقنية وعلوم الكمبيوتر باعتبار أنها لا تحتاج إلى مياه وأجواء ملائمة كالزراعة ولا تحتاج إلى مواد خام وطاقة وموانيء كاالصناعات الثقيلة كما أنها لا تحتوي ثروات معدنية أو نفطية ، فأنشأ القطاع الخاص في هذه المنطقة المعامل والكليات المتخصصة بتقنية الكمبيوتر  حتى غدت أهم وأكبر معقل لصناعة البرمجيات والكمبيوترات ، وسميت بنـاء على ذلك بوادي السليكون . ثم تم استنساخ تجربة وادي السليكون في الهند ، بالضبط في مدينة بنجالور التي هي عاصمة ولاية كارناتاكا الهندية ، اشتهرت طويلا بلقب مدينة الحدائق في الهند  قبل أن تكون الآن مركز تكنولوجي عالمي ، بل وتُعد من أهم المناطق الصناعية في جنوب الهند ، كما تُعد مركزا اقتصاديا حيويا لقطاع التكنولوجيا المتقدمة في الهند، بما فيها إنتاج أجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا الحيوية وصناعات النقل الجوي وخدمات الاتصالات الدولية حيث تضم أكثر من 1500 شركة للتكنولوجيا والخدمات المكتبية والتي تشكل نشاطاً يبلغ حجمه 17 مليار دولار . وصارت بنجالور خلال السنوات القليلة الماضية من أهم وأنجح المدن المنتجة للخدمات التكنولوجية . أي تحولت من أفقر المناطق إلى أكثرها شهرة وتميزاً . وصدر عنها كتاب بعنوان ” نمر بنجالور .. مبادئ الإدارة الهندية لتحقيق الريادة في السوق ” لمؤلفه ستيف هام  ، يسرد الكتاب قصة نجاح مدينة بنجالور الهندية . بدون شك نحتاج إلى قراءته بتمعن وروية لعلنا نكتشف أسباب الإخفاقات والفشل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s