نافذة الجمعة

أعمال السيادة و( إعمالها )

أثارت الاستقالة المفاجئة  لرئيس جامعة البحرين الطبية البروفيسور توم كولينز مطلع الأسبوع الحالي كثرة من التساءلات حولها ، سواء في دوافعها وأسبابها أو في توقيتها أو طريقة الإعلان عنها أمام حشد من طلبة الجامعة وموظفيها تجاوز خانة الـ (1300) شخص يُفترض أن لاعلاقة لهم بشأن إداري بحت له قنواته داخل التنظيم الهيكلي لمؤسسة الجامعة . وكذلك كيفية تناول هذا الخبر في عدد من الصحف ووسائل الإعلام في الداخل والخارج وتلقفها له كمن كان ينتظره أو أعدّ له العدّة سلفاً لإدراجه ضمن البضائع التي يُتاجر بها . هذه التساءلات تعقدت الإجابة عليها حينما ظهر المتحدث الرسمي للحكومة  ليفنّد ادعاءات البروفيسور كولينز بشأن أسباب استقالته حيث أعلنت الحكومة أن المؤتمر موضوع أسباب الاستقالة المذكورة قد تم الترخيص له ، خلافاً للادعاء بغير ذلك .

وبغض النظرعن الاستقالة والرد على أسبابها ؛ يقفز إلى الذهن عدة أمور ، لعلّ أهمها يتعلق بسيادة الدولة  التي من أبسط حقوقها ومتعلقاتها أن تسمح أو تمنع إقامة مؤتمر ، أي مؤتمر ، وكذلك حقها في أن تمنح تأشيرات دخول أو تمنعها بحسب رؤيتها وتقديرها خاصة إذا تعلق الرفض بمخاوف تتعلق بالناحية الأمنية أو الإساءة  للدولة . فهذا حق سيادي لأي دولة مستقلة تحافظ على أمنها واستقرارها وتمنح لكيانها الهيبة اللازمة والكفيلة بوضع حد لمن يحاول النيل منها أو تحجيم سلطانها وسلطاتها على المؤسسات التي تعمل على أراضيها .

لنفترض أنه تم بالفعل عدم الترخيص لهذا المؤتمر – بالرغم من نفي الحكومة – فهل هذا أمر يبرّر لشخص أجنبي يحمل مؤهل أكاديمي عال ويتولى رئاسة واحدة من أكبر وأهم الجامعات العاملة في البحرين أن يحتج على هذا الرفض، ثم يقدّم استقالته ، ليس بالطريقة العادية ، وإنما على نحو إعلاني واحتفالي ؟!!

حتى تفهموا الصورة اقلبوها ؛ أي لنفترض أن جامعة بحرينية تمارس عملها هناك ، على الأراضي الإيرلندية ، يرأسها شخص بحريني الجنسية ، أرادت هذه الجامعة إقامة مؤتمر ما ، في رحاب تلك الجامعة إلاّ أن الحكومة الإيرلندية رفضت إقامة هذا المؤتمر ومنعت الترخيص له ، أو رفضت منح بعض المشاركين فيه تأشيرات دخول لأراضيها ؛ ياترى : ماهي الحدود المسموحة للبحريني هناك – في الأراضي البريطانية أو الإيرلندية – للاعتراض ؟ هل يمكنه ذلك ؟ هل يمكنه أن يقدّم استقالته على هذا النحو ؟!

سانحة  :

تُعرّف أعمال السيادة في الدول بأنها : ” العمل الذي يتصل بالسيادة العليا للدولة والإجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من سلطان الحكم ، للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج ” فيما تعني كلمة ( إعمال ) في اللغة : أي جعله يعمل . ولذلك فالمطلوب ليس التعرّف على الأعمال السيادية وإنما ( إعمالها ) في ظل هذا الانفتاح والضغوطات والتدخلات المتزايدة والغريبة في شؤوننا الداخلية بحيث أن حتى الموظفين الأجانب ممن فتحت لهم البلاد ذراعيها ؛ صار بإمكانهم الاحتجاج والاعتراض والإساءة للدولة عند ممارستها لحقوق سيادية خاصة بها تتعلق بالسماح أو منع مؤتمرات أو تأشيرات دخول !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s