تضاربت الأرقام والتقديرات حول حجم ثروته ومقدارها ، ويبدو أنه من الأفضل – منعاً للحزن أو الاستفزاز – عدم ذكر هذه الأرقام المتضاربة التي تصب جميعها في خانة المليارات التي حصدها من أوجه الكسب غير المشروع ، وهو التعبير الذي زاد استخدامه في مصر بعد الثورة كإشارة إلى ثروات ( سرقات ) رموز ومسؤولي النظام السابق الذين نهبوا خيرات أرض الكنانة وأفقروا شعبها .
صاحب هذا العنوان هو أمين التنظيم في الحزب الوطني الحاكم إبّان عهد مبارك ، ومدير سيناريوهات تزوير الانتخابات المصرية وتزييف خيارات الشعب ، وإظهار نتائجها بالنسب المعروفة إياها (99,9%) !! وهو رجل الأعمال المصري المعروف بـ ( امبراطور الحديد ) حيث استولى في غفلة وبكل هدوء على كامل أسهم شركة الدخيلة الحكومية لتصنيع الحديد (الشركة الوطنية المملوكة للدولة لصناعة الحديد والصلب) وهي الجريمة التي قضت إحدى المحاكم المصرية بسجنه لسببها (37) عاماً ودفع غرامة مالية قدرها ملياري جنيه ، أي (296) مليون دولار .
بالطبع لم تكن تلك سوى جريمة واحدة من عدد آخر من جرائم التربح واستغلال النفوذ والكسب غير المشروع من ثروات الوطن وقوت المواطنين ، من بين تلك الجرائم – مثلاً – التهرب من سداد مبلغ (10) ملايين و(680) ألفاً كضرائب مستحقة عليه عن بضع سنوات وغيرها من الجرائم التي حكم القضاء – الآن – فيها بمدد سجن تصل في مجموعها إلى مايقارب النصف القرن .
ولاتسألوا عن الغرور والجبروت أو حياة البذخ والترف أو الفلل والقصور التي كان يعيشها في أوساط ذلك الشعب المنهوك بنهب خيراته وثرواته عن طريق أمثال ( الامبراطور ) أحمد عز ، صور وحكايات كثيرة عن ذلك أبسطها وأكثرها دلالة هو أنه كان لايلبس حذاءه بنفسه وإنما يقوم بتلبيسه الحذاء شخصان ، وله صور مشهورة ومنشورة عن كيفية تلبيسه الحذاء ، تكبراً وغروراً !! دون أن يدري أن الأيام دول ، وأن يوم انكشاف الظلم وبيان حالات السطو والإفساد لها نهايات بائسة مهما طال أمد حال الطاغوت ، حتى لو اغترّ بكثرة من كان يهلل ويطبّل ويرقص و( يبلطج ) له ، فهؤلاء – وإن زادت أعدادهم وتعاظم نفوذهم– إنما هم مجرّد غثاء أو زبَد للبحر سرعان ماينجلي .
قبل بضعة أسابيع أجرت جريدة ” الحياة ” لقاء موسعاً مع اللواء محمد حمدون مساعد رئيس قطاع السجون السابق في مصر ، تناول في أغلبه أحوال رموز النظام المصري السابق في السجون . اللقاء امتد على أربع حلقات ، هي في حقيقتها مؤثرة وحزينة ، تشرح حالة هؤلاء الذين كانت تلك السجون بأيديهم وتعمل بأمرهم ، يدخلون فيها من يشاؤؤن ؛ فإذا بهم يصبحون – في غمضة عين – نزلاءها ! لم ينفعهم المال والجاه ، ولا العز والسلطان ، طالموا اكتسبوه بغير حقّه .
يروي اللواء حمدون في تفاصيل حلقاته الأربع بداية دخول صاحبنا ( الامبراطور ) أحمد عز وزملائه السجن ، حالة الصدمة والذهول ، كانوا لايصدقون وضعهم أو مكان نومهم أو طريقة حركتهم أو لباسهم أو أكلهم وشربهم ، كانوا – ومعهم ( الامبراطور ) – لايتوقعون أن يتركوا القصور ويبقوا في الزنازين ، ولم يستعدوا لأن يعرفوا أن أحداً لم يعد كبيراً أو ( امبراطوراً ) في السجن ..
سانحة :
قال تعالى : ” قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ” .