لا أدري لماذا أتذكر أو يقفز إلى ذهني المسلسل الكوميدي الشهير “صح النوم ” كلما قرأت عن سالفة ” أبراج الاتصالات ” التي تكاد تغطي الأفق أو تشوّه رحابة النظر إلى السماء في مناطق مختلفة من البحرين كلما رفعنا عيوننا إلى أعلى .

المسلسل المذكور تدور أحداثه في “حارة كل مين إيدو إلو ” حيث ينتقد على مدار حلقاته عدد من الظواهر السلبية في المجتمع بأسلوب  لايخلو من المرح والفكاهة البسيطة. وكان أكثر ما كان يُلفت في هذا المسلسل هو اسم تلك الحارة الذي كان يبدو للمشاهدين آنذاك مثاراً للضحك والتهكم قبل أن يصبح اسمها  مثلاً شائعاً نلمسه ونشعر به تجاه عدد من الظواهر والمخالفات ، نستجدي تدخل القانون وقيام الجهات المسؤولة عن إنفاذه بدورها تجاه تطبيق القانون وعدم التراخي في ذلك أو تطبيقه على ( ناس وناس ) فلانملك تجاه هذا الشعور بالتقصير سوى أن نستحضر “حارة كل مين إيدو إلو ” .

بالأمس نشرت الصحافة المحلية خبراً لاتخرج تفاصيله عن إطار هذه الحارة ؛ يقول الخبر : ” أن عدد أبراج الاتصالات الموجودة في البحرين يبلغ (1777) برجاً اتصالات “ولسنا في حاجة للتذكير بأن هنالك مخاوف صحية وبيئية من أخطار ذبذباتها والإشعاعات الصادرة عنها ، وقد أكدت منظمة الصحة العالمية على ضرورة إبعاد تلك الأبراج عن المناطق السكنية وعن المدارس . كما أن هنالك اعتقاداً عند الناس أن تلك الأبراج هي من اسباب زيادة الإصابة عندنا بأمراض السرطان .

غير أن المفاجأة الأخطر في الخبر المنشور يوم أمس هو أن يُقال أن نسبة (75% ) من هذه الأبراج غير مرخصة !! لاوبعدأن (40%) منها لايبعد عن برج شركة أخرى سوى (100) متر!! بالضبط كأن المسألة أصبحت بالضبط  مثل “حارة كل مين إيدو إلو “.

في بعض الأحيان قد تجري المخالفات والتجاوزات في الظلام ، أو يكون حجم موضوع المخالفة صغير بحيث يمكن وضعه في مكان ما دون أن يشاهده الآخرون أو يشعر بمخالفته أحد ، لكن من غير المتصوّر أن مخالفة في حجم برج اتصالات ، تشق السماء بارتفاعها ، ويتجاوز عددها خانة الآلاف ليصل إلى (1777) برجا ثم نكتشف أن مانسبته (75%) غير مرخص !!

لعلّه من المفيد أن نستحضر هنا حكاية الـ (ثلاث كنارات) التي التقطها وافد آسيوي فقير ومعدم بعد سقوطها على الأرض بالقرب من إحدى المزارع عندنا وجرى القبض عليه وحُبس بسببها الـ (ثلاث كنارات) حوالي (20) يوماً .ولكم أن تتصوروا الفرق بين ثلاث كنارات ومئات الأبراج ..