هو اسم مسجد قديم يقع في منطقة ” فاتح ” بمدينة اسطنبول التركية يعود تاريخ إنشائه إلى عهد الدولة العثمانية ، يتميز هذا المسجد ببساطته ، فهو يتكون من مجرّد أربعة حوائط ومأذنتين وساحته مكتظة بالحشائش الخضراء التي لايزال يصلي عليها المسلمون هناك ، بل وتمتلأ بهم ساحاته الخارجية .
على أن هذا المسجد القديم لايمتاز فقط ببساطته وإنما اكتسب شهرة واسعة لسبب وكيفية بنائه حيث تُروى في ذلك قصة رائعة يتناقلها الأتراك بكل فخر وإعجاب ، وفيها عبرة وعظة . وقد سطّر المؤرخ ” أورخان محمد علي” قصة هذا الجامع في كتابه “روائع من التاريخ العثماني ” فقال ” كان يعيش في منطقة “فاتح ” شخص ورِع اسمه خير الدين أفندي، كان صاحبنا هذا عندما يمشي في السوق ، وتتوق نفسه لشراء فاكهة ، أو لحم ، أو حلوى ، يقول في نفسه ” صانكي يدم ” يعني ” كأنني أكلت” أو “افترض أنني أكلت” ثم يضع ثمن ذلك الطعـام في صندوق له ، ومضت الأشهر والسنوات ، وهو يكفّ نفسه عن لذائذ الأكل ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئا فشيئا ، حتى استطاع بهذا المبلغ القيام ببناء مسجد صغير في محلته ، ولما كان أهل المحلة يعرفون قصة هذا الشخص الورع الفقيــــر، وكيف استطاع أن يبني هذا المسجد, أطلقوا على الجامع اسم “جامع صانكي يدم” .
ثم مضى منهج هذا الرجل الفقير مسلكاً أخلاقياً ومشروعاً خيرياً يتبعه أفراد وتتولاه جمعيات ومؤسسات خيرية وإنسانية للحث على تنفيذ حملات لإغاثة منكوبين أو سدّ عوز محتاجين أو كفالة أيتام أو بناء مساجد ومعاهد ، تقوم كل فكرتها على أنه بإمكان الإنسان أن ينجز ويساهم في أعمال البر والإحسان من دون أن يستصغر قيمة مايقدّمه حيث لكل شيء شأن مادامت النوايا صافية ومخلصة .
وأمام استمرار آلة البطش والفتك بإخواننا في سوريا ، إحصائيات الشهداء تعدّت خانة عشرات الآلاف ، ومثلها أو أكثر منها المصابون والمشردون واللاجئون والأرامل والأيتام ممن ليس لهم بعد المولى عز وجل سوى إخوانهم المسلمين في شتى أنحاء هذه المعمورة ؛ يجدر أن يُتخذ مسلك ذاك الورع الفقيــــر خير الدين أفندي فيتبعون نهج التضحية ببعض حالات الترف ويقولون أمامها “صانكي يدم” أي “كأنني أكلت ” ..
سانحة :
قد نتفهم أن تنشط منظمات أو هيئات أو فضائيات أو أقلام في ديار الغرب وأمريكا لمهاجمة الإسلام والمسلمين واتهامهم بالإرهاب والتطرّف بشأن تفجيرات بوسطن حتى قبل أن تعلن السلطات الأمريكية نتائج تحقيقاتها واتهاماتها ؛ لكن أن تتطوّع فضائيات وأقلام عندنا ، في ديار العروبة والإسلام ، وتقوم من تلقاء نفسها بتوجيه تهم الإرهاب لدينها وأهلها ، فذلك نوع من الانهزامية والانحطاط . وكنا نتمنى على تلك الأدوات والأبواق أن تبذل نفس الجهد أو شيئاً منه نحو مئات التفجيرات والمذابح والمجازر التي تحدث في سوريا وفلسطين وأفغانستان .. الأقربون أولى بدموعكم وحزنكم .