راصد

يا إخواننا في الإمارات

إن ما يسيء إليكم يسيء إلينا ، وما يعكّر صفوكم يمسّ أكدارنا . لا نحتاج أن نصرّح بهذا الأمر وقد صدّقته الأحداث وسطّره التاريخ وأثبته الواقع . نحن وأنتم شعب واحد ، وأرضنا هي أرضكم وأرضكم أرضنا .  البحريني في أبوظبي أو دبي أو الشارقة لايشعر إلا أنه في المنامة أو المحرق أو الرفاع ، والإماراتي في وطننا محلّه مُقل العيون وشغاف القلوب ، حبنا وولائنا لقيادتنا لايقل عن حبنا وولائنا لقادة الإمارات وشيوخها وأهلها . فأنتم أهل الخير والعطاء ، لا ينكر أحد نصرتكم ودعمكم ووقوفكم في الصف الأول مع البحرين في كل قضاياها ومشكلاتها وحاجاتها ، ليس للتوّ وإنما منذ سابق الزمان  ، هو نهج خطّه الأجداد ونقله الآباء وتوارثه الأحفاد ، جيلاً بعد جيل ، بفضل  الله ثم  حكّامها ورجالاتها وشعبها ، هكذا عرفناكم ، وسنظل كذلك .

ولأننا نعرف سجاياكم وخصالكم فإننا نطلب منكم طلباً عزيزاً على أنفسنا ، يطلبه الكثيرون غيري ، يطلبه الأب المفجوع والأم المكلومة وزوجة وأبناء صلاح اليافعي الذين ينتظرون بكل لهفة سماع صوته ومحادثته والاطمئنان عليه ؛ بأن تُنهى مسألته اليوم قبل الغد ، فما مثله أو مثلنا أو مثل أهله أو أحد في البحرين من يرضى على الإمارات الحبيبة .

أما في البحرين ، فإن الغرابة تلف الجهات التي أثار صمتها الريبة والخوف على مصير أي مواطن – ليس صلاح اليافعي فقط – يجري اعتقاله فلا يكون لها من تحرّك مقنع أو توضيح لحاله أو معلومات عنه أو دفاع يشعر المواطن إزائه بقيمته ، لا أعني وزارة الخارجية فقط وإنما أيضاً وزارات ومؤسسات أخرى يُفترض أن وجودها أو تأسيسها ليس لحظياً أو لمرحلة معينة أو لطائفة بذاتها وإنما هو منهج وحراك يستوي فيه ولأجله الجميع ، من تلقاء نفسها وانطلاقاً من واجباتها ومسؤولياتها ، بدون طلب من أحد ، ومن دون حاجة للجنة أهلية أو عريضة شعبية تطلب منهم التحرّك .

لا أحتاج أن أبين القيمة الحقيقية التي توليها المجتمعات الغربية لمواطنيها والأهمية البالغة التي يمنحونها لحياته وحريته وحقوقه وسائر مكتسباته، وعدم تفريطهم فيه ، حتى لو كان مجرماً ثبتت إدانته ، فكم من جاسوس أو معتدٍ أو سارق أو قاتل أجنبي في بعض دولنا تم العفو عنه بعد محاكمته أو قبلها نتيجة ضغوط وتدخلات وربما تهديدات، وكم من مجرم أجنبي لجأ إلى سفارة بلده فنال الحصانة من أي سوء، بل لا يمكن أن ننسى كيف أن الصهاينة يتبادلون مئات السجناء العرب برفات – مجرّد رفات –  مواطنيهم وجنــودهم الذين قضوا نحبهم منذ سنوات ! 

من غرائب الأمثلة في هذا الصدد أنه في الفترة من عام 1999 إلى عام 2006 حدثت في العالم العربي ، بالضبط في ليبيا ، قضية شغلت الآفاق ، استحوذت على الألباب واستعصت على الأفهام ؛ خمس ممرضات بلغاريات كانوا يعملن في مستشفى الفاتح للأطفال في مدينة بنغازي في ليبيا ، قمن بجريمة تعجز البشاعة عن وصفها ، لاتتناسب مع وظيفتهن ولاتحتملها الإنسانية حيث تجرأن وأقدمن عن سبق إصرار وتعمّد  على حقن (426) طفلاً ليبياً بدم ملوث بفيروس الإيدز ، مات منهم أكثر من (40) طفلاً ، بعد اكتشاف أمرهن والقبض عليهن واعترافهن وإنهاء التحقيقات معهن قضت المحكمة الليبية العليا بإعدامهن عقوبة لهذا الجرم الفظيع .

بالرغم من هول الجريمة وفداحتها و( خزيها )، ووضوح أدلتها واعتراف مرتكبيها إلاّ أن أمريكا وأوروبا قد انتفضت عن بكرة أبيها لأجل الممرضات الخمس ، الرئيس البلغاري جورجي بارفانوف قام بتحركات على المستوى الدولي ، فحشد أوروبا لهم وكذلك أمريكا حتى أن الرئيس الأمريكي جورج بوش تدخل وقال بعد اجتماع في البيت الأبيض مع الرئيس البلغاري أن إلغاء حكم الإعدام فقط لا يكفي لكن يجب ألا تتردد الحكومة الليبية في الإفراج عنهن ! ومن دون الدخول في تفصيلات أكثر فقد انتهت قضية الممرضات البلغاريات الخمس بتسوية قضت بالإفراج عنهن بعد أن كان القضاء الليبي قد أصدر عليهن حكما بالإعدام ، تصوروا حكماً بالإعدام !! كان ذلك نتيجة تدخلات وضغوطات وتهديدات مكثفة شاركت فيها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي .

تلك الدول تعتبر أن مواطنيها إنما هم جزء من سيادتها ، لاترضى أن تُمس حقوقهم وحياتهم أينما كانوا ( وكما رأيتم مهما فعلوا ) ، لانريد أن نماثلهم ، فمن كان مجرماً ثبتت إدانته فلابد أن ينال عقابه خاصة إن كان جرمه في مستوى – مثلاً-  جريمة هؤلاء الممرضات . لكن أن تصمت وزارة الخارجية ووزارة حقوق الإنسان ومؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان ، ويظل صمتها أكثر من تسعة أيام فذلك أمر مستغرب ومدعاة لخوف أي مواطن يُعتقل في أي مكان في العالم !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s