يقولون في الاصطلاح أن دِراسة الجَدْوَى تعني نمط من الدِّراسات المنظَّمة يهدف إلى تقييم الموارد المتاحة لتحقيق غرض معيَّن مع التقييم المتلازم لقدرات وإمكانيَّات تدبير هذه الموارد . ولذلك يُتخذ بناء عليها – الدراسة – قرار بالمضي في تحقيق هذا الغرض أو التوقف عنه بالنظر إلى ماتمخضت عنه تلك الدراسة من خسائر أو سلبيات أو عدم مناسبة المكان وحتى الزمان وما إلى ذلك من توصيات ونتائج يُفترض أنها محل ثقة وعلى قدر واسع من الدراية والمعرفة والتوقعات بالمخاطر والفرص .
دراسات الجدوى ؛ أصبحت الآن علم قائم بذاته وتخصص تتولاه شركات كبرى وتقوم عليه معاهد ومراكز أبحاث وتسويق ، وبالنتيجة – طبعاً – أصبح القيام بإعداد وتنفيذ هذه الدراسات تجارة رائجة تدرّ أرباحاً هائلة على أصحابها وخبرائها الذين هم – من المفترض – كفاءات وخبرات مهنية واقتصادية على مستوى عال ، حينما يقولون توصيتهم وقرارهم يكون مثل ( مسمار في لوح ) .
دراسات الجدوى يجري اللجوء إليها على الأخص حين الإقدام على إنشاء مشروعات وشركات كبرى يُنتظر منها الاستمرارية على مدار عقود وعقود من السنين ، وليست لفترة زمنية بسيطة . وبالتالي يصعب القبول بأن هذه الشركة أو ذاك المشروع الذي لم يتأسس إلاّ بناء على دراسة جدوى ( معتبرة ) ينتابه الفشل في غضون فترة زمنية بسيطة من مجرّد قيامه كما هو الحال الذي حصل مع شركة الخليج للتقنيات .
وحين حصول هذا الفشل للمشروع أو الشركة التي قامت بناء على دراسة جدوى يكون من اللازم مراجعة أصحاب هذه الدراسة ومحاسبتهم ، خاصة إذا دُفعت لهم أموال ليست بالقليلة نظير أو مقابل دراستهم أو على الأقل معرفة تبريراتهم وعدم الرضا بضياع مستقبل عشرات من المواطنين وفقدان عائلاتهم لمصادر دخل نحسب أن الدولة تحميها من العوز والضرر .
للأسف الشديد أننا نُفتن بالأجنبي ، وبجنسيات بعينها ، نسلّمها كل ثقتنا ، ربما ندفع لهم بلاحساب ، بعضهم صاروا يتملّكون فلل وشاليهات لاتأتي صورها حتى في أحلام المواطنين ، رواتب وامتيازات مختلفة ومتنوّعة على أمل أن يكون لها عائد على موارد الدولة ومدخرات الوطن ، ثم نكتشف أن هؤلاء أصحاب دراسات الجدوى والمدراء أو الرؤساء أو الخبراء الذين تم استجلابهم قد خسّروا المشروع أو الشركة وجعلوا أرباحها وعوائدها في خانة الأصفار إلى أن تخرج نُذُر الإفلاس وتسريح العمالة الوطنية .
الأمر الأكثر حيرة أن شركة الخليج للتقنيات ليست هي الأولى وأعتقد أنها ليست الأخيرة في سلسلة مشروعات وشركات صارت معروفة عندنا بأنها فاشلة ، لاتمنحنا أي شيء ، بل تستنزف من ميزانية الدولة دعم وقروض بدون مقابل ، يعني ( بغيناها عون فصارت فرعون ) .
إن إنشاء شركات مملوكة كلها أو جزء منها للدولة ؛ إنما هي مورد جديد ومصدر دخل يُضاف إلى ميزانية الدولة ، يُحسب في رصيدها ، تٌستغل عوائدها لمشروعات التنمية وتحسين سويّة معيشة مواطنيها ، وليس العكس .