لا أملك الآن بين يدي إحصائيات دقيقة ومحددة حول عدد عمليات التخريب والاعتداءات التي طالت المدارس عندنا على مدار السنتين الماضيتين ، لكن المؤكد أن هنالك ثمّة عمليات قد انتهكت حرمة هذه الأماكن ، طالتها بالحرق والعبث ، لايوجد إطلاقاً مايبررها ، ولانجد لها تفسيراً يمكن ( هضمه ) بأنها – هذه العمليات التخريبية – تدخل في نطاق الاحتجاجات السلمية والمطالبات السياسية . لا يمكننا أن نطمئن بأن هذه حركات مطلبية خربت أماكن تعليم أبنائنا وروّعتهم وأخرت تحصيلهم .
لاأملك – أيضاً- إحصائيات دقيقة ومحددة حول عدد عمليات الاعتداء على الطرق والشوارع ، سواء بإحراق الإطارات وصناديق القمامة أوإلقاء المولوتوفات ، وبالتالي غلق هذه الشوارع وترويع سالكيها وتعطيل تحركات المواطنين والمقيمين وتأخير قضائهم مصالحهم وذهابهم إلى أعمالهم أو مدارسهم أو ما شابهها أو أنها تشكّل – في أقلّ التقديرات – استفزازاً لهم ما كان ينبغي أن يتعرّضوا له تحت أي مسمى أو سبب لأنه مهما برّرنا له فإنه يُعدّ في محصلته انتهاكاً لادخل للمواطنين والمقيمين أن يُرغموا على الامتثال له طوال هذه الفترة .
أيضاً لا أملك عدد المرّات التي سمعنا فيها تعدّياً على رموز وقيادات لها مكانتها التي ينبغي أن تكون محفوظة ، ولها قدر من الاحترام والتقدير وعدم الرضا بالمساس بها ، سواء كانت رموز دينية كالعلماء الذين هم ورثة الأنبياء أو الصحابة رضوان الله عليهم الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم : ” لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد – يقصد جبل أحد – ذهبا ما أدرك مدَ أحدهم ولا نصيفه ” أو رموز وطنية ارتبطت لهم مكانة في النفوس والقلوب ليس من السهل القبول بالتجرأ عليها . لاأملك أيضاً عدد المرات التي سمعنا فيها من يقسّم مجتمعنا إلى ( يزيديين ) و ( حسينيين ) فيضرب بقوة على وتر الطائفية البغيضة .
في الواقع أن سائر معايش الناس ، من مدارس وطرقات وعلاقات ورموز دينية ووطنية تستحق أن يجري التعامل معها كخطوط حمراء ، تسير حميتنا وتحليلاتنا ودفاعنا عنها في نسق واحد من الاستنكار والاستهجان عند التعرّض لها وأن تكون المشاعر الجيّاشة تجاه المساس بها أيضاً واحدة ومتساوية . لايمكن تفسير أن تقيم جهات ما الدنيا ولاتقعدها بسبب أمور معينة تسميها مساسا أو انتهاكا أو تعرّضا ثم أمام أمور معينة شبيهة بتلك تجدها تلوذ بالصمت الذي غالباً لا يفسر إلاّ بأن الخطوط الحمراء تحتاج إلى مراجعة تضمن أن تكون قالباً واحداً أو كلاًّ لايتجزأ .