نافذة الجمعة

بطل الفقراء

تسعى أنظمة الحكم ، من قادة وزعماء في غالب دول العالم العربي والإسلامي إلى تثبيت أركان حكمهم وبقائهم على كراسيهم بأساليب ووسائل شتى ، ربما تكون في مجملها يرمي إلى صناعة تزييف الولاء أو اتباع سياسة الترهيب والتهديد أو الترغيب أو استدعاء القمع وكبت الحريات أو ما شابه ذلك من طرق تفتقد قيمة تحصين الكراسي بالعدالة والنزول إلى معايش الناس والاقتراب الحقيقي من مشكلاتهم وحاجاتهم ، والكف عن اللعب بمدخرات وثروات وطنهم وبيان مقدار نظافة الأيادي من السرقات والتعدّيات والسطو على ماليس لهم فيه حق من أموال ومقدّرات يُفترض حمايتها لشعوبهم ، في الحاضر والمستقبل.

أما في دول العالم الآخر ، فإن الأمر يختلف حيث أن قادتهم وزعماءهم لايسعون إلى البقاء واحتكار الكرسي بقدر مايكون جلّ همّهم تحقيق إنجاز لشعوبهم وتقدّم لوطنهم حتى إذا ما حان مغادرتهم لمناصبهم امتلكهم الإحساس بفخر رضا الناس عنهم وحفر أسمائهم في القلوب وتسطير فترة حكمهم في السجلات الناصعة البياض من تاريخ الشعوب . ويغادرون قصور الرئاسة ودواوين الحكم وهم محفوفين بأسمى آيات الاحترام والتقدير بدون أدنى حاجة لأن تسيل الدماء وتُزهق الأرواح وتُكمم الأفواه ، وتبقى مكانتهم وكذلك مسكنهم بين عامّة شعوبهم محاطة بالعناية والرعاية وكذلك العرفان .

البرازيل ، إحدى تلك الدول التي استلم رئاستها في انتخابات عام 2003م أحد أبنائها الذي فاز بنسبة تقارب الـ (60%) لكنه ترك الحكم بعد عشر سنوات ويكاد الشعب البرازيلي كلّه يريد بقائه ، لقد حقق لبلده قفزات نوعية في الداخل الذي كان على حافة الإفلاس، ووضعها في مكانة مرموقة على خارطة الخارج .

شعبه أطلقوا عليه ” بطل الفقراء ” إذ صار يُشار إليه بالبنان في خفض نسبة الفقر في البرازيل من (8,8%) إلى (4,2%) عن طريق تنفيذ برامج إنمائية مبتكرة ومبدعة نقل خلالها مايقارب الـ (20) مليون برازيلي من مستوى تحت خط الفقر  وخفض عمالة الأطفال ورفع نسبة إلحاقهم بالتعليم إلى نسبة (95%). وأصبحت بلاده من أقل بلدان العالم في نسبة الغلاء ووفر فائضاً نقديا تجاوز (200) مليار دولار بالإضافة إلى برامج ومشروعات أخرى انصبّت على تحسين مستوى معيشة شعبه وتحقيق العدالة وزيادة المداخيل وغيرها من إنجازات حقيقية جعلت من كثرة من دول العالم تزور البرازيل من أجل نقل تجربتها في مكافحة الفقر ومحو الجوع .

الرئيس المقصود هو لولا دى سلفيا الذي بفضل سياسته وحكمه الرشيد يتوقع المراقبون أن تكون بلده خامس قوة اقتصادية بحلول عام 2016م ، أحدث تغييرات هائلة في المجتمع البرازيلي وكسب ولائهم وحبهم من دون أي عناء ومن دون استخدام أي شيء مما يحدث في دول العالم العربي والإسلامي حتى  قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما عنه : ” لولا دى سلفيا أكثر شعبية مني ، إنه أكثر شعبية كل الكرة الأرضية ” .

سانحة :

حينما انتهت ولاية الرئيس البرازيلي لولادى سلفيا ؛ تظاهر المواطنون  في الشوارع ليرغموه على تجديد ولايته لكنه رفض تعديل الدستور من أجل شخص ، وخاطب شعبه والدموع تنهمر من عينيه :”سأغادر الرئاسة، لكن لا تظنوا أنكم ستتخلصون مني لأنني سأكون في شوارع هذا البلد للمساعدة في حل مشكلاته “.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s