راصد

الفرق بين الوحل والنجوم ..

تخطيء الدولة – سواء مؤسسة أو جهة أو جهات ما فيها – حينما تريد في ممارساتها وأفعالها وكذلك ردّات أفعالها إعلاماً ذا لون واحد ، وحينما تريد خطاباً ذا اتجاه واحد تقيس على نبراته الولاء لها من عدمه بالرغم من مخالفة ذلك ما يجري الإعلان عنه عن الشفافية والتعددية والقبول بالرأي الآخر وما شابه ذلك من مصطلحات برّاقة نحتاج في واقع الأمر أن نرى صدقيّتها على الأرض  أو في ساعات الحاجة إليها . هذا الخطأ تنشأ عنه خسارة الاستماع إلى التوجيهات والاستشارات الأمينة والصادقة والمحبّة بحق لوطنها وقيادتها .

هذا الخطأ هو الذي ينتج عنه أجواء مفعمة بالنفاق ، وبطانات فاقدة للإخلاص، تضيع خلالها الآراء الصادقة والنصائح الغالية ليبقى الاعتماد على ( القول قولك يايبه والراي رايك ) . وهذا الخطأ يستقطب آخرين ، بعيدين عن الغيرة الوطنية والحميّة الصادقة ، يكون همّهم أمور أخرى لاعلاقة لها بالوطن والولاء له والخوف عليه بحيث أنه صار يُشار إليهم كـ (هواتف عملة ) أو ( حصالات ) يعرف الجميع بوار سلعتهم وعدم فائدتهم وسوء استعمالهم واستغلالهم وكذلك وضاعة مآلهم ممن أصبحوا أعلاماً في النفاق ، لاتفوتهم مناسبة ولامصيبة ولامهرجان إلاّ وتصدروه كذباً ونفاقاً وتضليلاً ومجاملات ، وصاروا يتكاثرون ويتوالدون بالضبط كما (الذبّان) دون أن يمنعهم أو يردعهم أحد أو يثور لهم ضمير فيصرخ فيهم ويقول لهم أن الصدق مع ولاة الأمر والمسؤولين هو ما يحتاجه الوطن في محنته وأزمته ، وهو قمة الوطنية ، وقمة الولاء ،  وأن قياداتنا ومسؤولينا في أمسّ الحاجة لمن يصدقهم القول ، لا من يضللهم ويغشّهم ويضعفهم.

 في الأوقات العصيبة ، عندما تزداد الأخطار والتهديدات فإن الحكمة ألا يتم إرخاء السمع والبصر للمنافقين والمتمصلحين ، ولمن لايملك الحب الخالص ولا يقوى على تقديم النصح الصادق والرأي الأمين المبرء من النزوات وتصفية الحسابات والقائم على تزلّف الهدايا والعطايا من أمثال من قال عنهم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ، في آخر ليلة من حكمه ، وبعد فوات الأوان وعشية فراره من ملكه ووطنه ” الآن فهمت  .. لقد ضلّلوني ” !!

وكل الخوف أن الاستمرار في خطأ استقطاب هذه النوعية من المتمصلحين والمضيعين للبوصلة وإفساح المجال لهم وتضخيمهم ؛ أنه سيجري البحث في يوم ما عن الصادقين والمخلصين مثل (الفاروق) وغيره من أبناء هذا الوطن ولكن لن نجدهم .

سانحة :

هنالك مقولة جميلة للشاعر الانجليزي فريدريك لينغبرج ، حيث يقول : ” نظر شخصان عبر نافذة واحدة ، أحدهما رأى الوحل والآخر شاهد النجوم “.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s