نشرت صحفنا المحلية في أواخر الأسبوع الماضي خبراً في غاية الأهمية ، يحمل – بحسب تقديري المتواضع – دلالات أو مؤشرات خطيرة ينبغي التوقف عندها واتخاذ إجراءات أكثر حسماً تجاهها . صحيح أن الخبر لم يُأبه به ولم ينل حظه من الاهتمام ، وذلك لأنه جاء في غمرة انشغالنا بالشأن السياسي والأمني وطغيانهما على غيرهما من الاهتمامات حيث سرق هذان الشأنين الأضواء عن مشكلة شائكة تهدّد الهوية والتماسك الاجتماعي والسلم الأهلي ، مشكلة ‬يغصّ بها ليس واقعنا المحلي فحسب ، وإنما واقع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
الخبر الذي أعنيه جاء كتصريح صحفي من الأخ العزيز أسامة العبسي الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل ، قال فيه : ” أن هناك حوالي (52) ألف عامل وافد يعيشون في البحرين بدون أذون عمل رسمية ” تصوروا حجم هذا العدد (52) ألف أجنبي!!
بالطبع يُقصد بهذا العدد العمالة السائبة أو الهاربة أو (الفري فيزا ) فقط ، أي ليست كل العمالة الأجنبية ، ولكم أن تتصوروا أعداد جميعها بعد إضافة المرخصة إليها ، هي أضعاف هذا العدد ، عدّة مرات! وهي في زيادة وليست إلى نقصان ، بل نشأ عنها جيل ثاني وربما ثالث (‬المقيم الذي‮ ‬أنجب وكوّن حياة اجتماعية وانضم أولاده إلى سوق العمل‮) واستتبع ذلك أنهم لايعرفون موطناً آخر غير الذي تم ولادتهم والعيش والعمل فيه . بل إن المنظمات الدولية والحقوقية الآن تشتغل حول الوضع القانوني لهذه الألوف المؤلفة من العمالة الوافدة ، فربما يُصار إلى الدعوة إلى إعطائهم صفة غير العمالة الوافدة أو اعتبارهم مواطنين لا يختلفون عن أهالي وشعوب تلك الدول . ربما ، من يدري !
مخاطر جمّة تشكلها هذه العمالة الأجنبية المتضخمة ، سواء في البحرين أو عموم دول مجلس التعاون الخليجي قد تصل إلى حد تسميتها بالقنبلة القابلة للانفجار في أي لحظة ، وذلك بالنظر إلى أعدادها وتزايد نسبتها بالقياس بأعداد المواطنين ، وكذلك مشاركة المواطنين في الخدمات والمرافق العامة ومنافستهم عليها ، ثم التغيير الديموغرافي الذي يحدثونه ، وأثرهم على الهوية والثقافة العربية والإسلامية خاصة في ظل انحسار الاهتمام بالانتماء والثقافة واستمرار حرص البعض على تغريب الثقافة أو تمييعها في أطر بعيدة عن مرامي الانتماء والثقافة المفترضة أو –على الأقل – المتعارف عليها.
سانحة :
يُقال : ” إذا صحّ العزم وضح السبيل ” . ولذلك يصعب التصديق أن بلداً في مساحة البحرين يمكن أن تكون فيه مشكلة شائكة تسمى العمالة الهاربة وغير المرخصة ، تصل أعدادها – المعلنة – إلى (52) ألف عامل ! يامعوّد !!