لأسباب ما ، تضافرت وتراكمت ، فحرفت جزءا كبيراً من مقاصد شهر رمضان المبارك ومعانيه عن مسارها وأبعدتها من مراميه . فأنتجت أو جعلت له ارتباطاً متزايداً بالأكل والشرب ، حيث تتنوّع فيه موائد الطعام بما لذّ وطاب ، مما قد لايُعرف نوعه أو مذاقه إلاّ في هذا الشهر الكريم ، وذلك في الوقت الذي يُفترض أن يقلّ الأكل فيه على اعتبار أنه شهر الصوم والامتناع أو التخفيف من الأكل .
وعندنا في شهر رمضان الكريم طبقان أساسيان لايغيبان عن المائدة الرمضانية : أولهما الثريد وثانيهما الهريس ، ارتبطا برمضان ارتباطاً وثيقاً ، وأصبحا من لوازم الشهر الكريم ، لانعرف مذاقهما إلاّ فيه ولايمكن أن يجري التخلّي عنهما حتى في ( بوفيهات ) الفنادق ومايُسمى بالخيام الرمضانية وما شابههما.
الثريد والهريس لايستطيع أن يزاحمهما في أهميتهما ومكانتهما وكذلك تعبيرهما عن موروث في الهوية والانتماء ؛ أي طبق آخر ، مهما تم بذله من أجل جودة طعمه ومذاقه ( أقصد في رمضان ) . ولذلك غالب برامج الطبخ والطهي التي يجري عرضها بالذات في قناتنا الفضائية خلال شهر مضان تبوء بالفشل ، وتعجز عن صرف الاهتمام بالثريد والهريس أو استبدالهما بغيرهما بالرغم من حجم الاستقطابات والترغيبات التي تصاحب تلك البرامج ( الطبخ والطهي ) ! التي تبقى ضمن خريطة البرامج الرمضانية كبرنامج ثابت يبذل المحاولات تلو المحاولات من أجل إحداث التغيير في مائدتنا الأصلية دون جدوى .
على أنه في هذا العام ؛ يتردد أن برنامج الطبخ والطهي الرمضاني قد يبتكر إضافة جديدة تصب في إطار محاولات الجذب والاستقطاب لإحداث تغيير في المائدة الرمضانية الأصلية حيث يُقال أن هذا البرنامج سوف يستضيف سفير إحدى الدول الكبرى ، ربما الأمريكي أو البريطاني أو غيرهما في سابقة أعتقد أنها تحتاج إلى تعديل في اتفاقية فيينا الدولية بخصوص تنظيم مهام وأعمال السفراء والدبلوماسيين بحيث تسمح لهم بممارسة مهنة الطبخ .
ولايسعنا إلاّ أن نذكر المواطنين الكرام بأهمية المحافظة على تماسكهم ووحدتهم وعدم السماح بأي اختراق لموائدهم الرمضانية عن طريق هذه ( الحيلة ) التي نأمل أن تكون مجرّد إشاعة ، لاصحّة لها ، لأننا لانريد من يحدث تغييراته أو يمارس ضغوطاته علينا حتى في مطابخنا ..
سانحة :
إذا صحّت المعلومة السابقة بشأن استضافة برنامج تليفزيوني عن الطبخ للسفير الأمريكي ؛ فإننا نرجو من هيئة شؤون الإعلام وقف هذا البرنامج وعدم السماح ببثّه . على الأقل من باب الاحترام للعريضة الشعبية التي دشنتها مؤخراً جمعية تجمع الوحدة الوطنية ضد هذا السفير ..