نافذة الجمعة

يصحو في رمضان ..

في القرن الماضي ، بالضبط في عام 1999 ، أي قبل حوالي أربعة عشر عاماً صدر مرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1999 بتنظيم تركيب واستعمال مكبرات الصوت ، هذا القانون يتكوّن من عشر مواد حيث حظرت مادته الأولى تركيب أو استعمال مكبرات الصوت في الأماكن العامة أو الخاصة أو وسائل المواصلات بصفة مؤقتة أو دائمة ، إلا بناءً على تصريح سابق من مدير منطقة الأمن المختصة ، يحدد فيه المكان والوقت والغرض المسموح فيه بتركيب واستعمال مكبرات الصوت. فيما نظمت مادته الثانية شروط منح التصريح في تركيب أو استعمال مكبرات الصوت بينما قصرت المادة الثالثة استعمال مكبرات الصوت في دور العبادة على الأذان وإقامة الصلاة فقط ، ونظمت بقية المواد طريقة الحصول على التصريح اللازم وكذلك العقوبات المترتبة على المخالفة . في حين نصّت المادة التاسعة على أن يصدر وزير الداخلية القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون .

على أن هذا القانون منذ صدوره – قبل حوالي أربعة عشر عاماً – قد دخل مايشبه حالة موت سريرية ، ولم يُستطع تطبيقه خاصة بالنسبة للمآتم والحسينيات الذين يمكن أن تشتغل مكبرات الصوت فيها خارج النطاق المحدد في هذا القانون  لفترات تمتد بالساعات في حين أن مساجد أهل السنة والجماعة لاتكاد تسمع ( ميكروفونات ) أغلبها خارج النطاق الذي تحدد في هذا القانون إلاّ في صلاة التراويح ، في شهر رمضان المبارك حيث تتعبّق أجواء هذا الشهر الفضيل ، وبالذات في لياليه المباركة بخير الكلام وأجود التلاوات الجميلة ، تتشنّف لأجلها الآذان وتتعطّر الأسماع وتزدان بها الأحياء و( الفرجان ) ويتنافس لأجلها القرّاء وحفظة القرآن الكريم ، وتهبّ منها نفحات ونسمات الإيمان ، وتميّز شهر الله عن بقية أشهر السنة ، وهي في غالبها لاتستمر سوى ساعة أو بضع منها فقط .

بل إنه حتى لما انتبهت الجهات القائمة على دور العبادة أن هذا القانون ، قانون تنظيم تركيب واستعمال مكبرات الصوت يجب أن يُطبق أيضاً على الجميع ولا يجب قصره على ناس دون ناس، وطلبت من المآتم والمساجد الشيعية الالتزام بهذا القانون ؛  تحفظ حينذاك علماؤهم ومشايخهم عليه ورأوا أن في تطبيق هذا المنع مساساً بشعائرهم وتقاليد معينة عندهم ، وتم رفع هذا التحفظ إلى جلالة الملك المفدى حفظه الله ، الذي أصدر أمره الكريم بوقف التطبيق ، وذلك بحسب ما نشرته الصحف  آنذاك على لسان مستشار جلالة الملك للشؤون التشريعية ، كان ذلك في شهر أكتوبر 2010م .

وعلى الرغم من حالة الغياب أو الموت السريري لهذا القانون أو وقف تطبيقه بحسب ماصرح به مستشار جلالة الملك للشؤون التشريعية في شهر أكتوبر 2010م  ، إلاّ أن مساجد أهل السنة والجماعة قد اعتادت خلال السنوات القليلة الماضية مع بداية كل شهر رمضان أن تتفاجأ فتسمع أن هذا القانون قد صحا من غفوته ونفض عنه غبار بياته الشتوي و( الصيفي ) ورُفعت عنه أجهزة موته السريري وصار يلاحق الأئمة والمؤذنين ويقول لهم ( لازلت حيّاً ) ويطالبهم بغلق ميكروفوناتهم وحرمان الأجواء  من عبق ساعة ، مجرّد ساعة من سماع أصوات صلاة التراويح ، ويتوعدهم بالعقوبات . ويستمر ذلك طوال شهر رمضان المعظم حتى إذا ما قارب رحيله ؛ لملم هذا القانون أجنحته وعاد إلى بياته و( انسدح) على فراشه الأبيض ليغيب في موته السريري انتظاراً لشهر رمضان المبارك في العام القادم . وكل عام وأنتم بخير.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s