راصد

التأمين الصحي

ليست المرة الأولى التي نكتب فيها عن هذا الموضوع الحيوي الهام ، وليست الثانية ولا الثالثة ، واستلمت ردودا على ماكتبته حوله ، تضمنت وعوداً وتشكيل لجان وما شابه ذلك من تصريحات تبقى حبيسة الأوراق والأحبار التي كُتبت بها .

لايخفى على أحد أن الدولة تنفق جزءاً كبيراً من ميزانيتها على توفير الخدمات الصحية المجانية ، يكون استنزافها وفقاً للزيادة المضطردة من المواطنين والمقيمين على حساب كفاءتها وقدرتها على الاستمرار في تجويد هذه الخدمات وتقديمها على النحو الذي يتناسب مع المأمول منها . وبالنظر إلى شحّ الموارد وزيادة الطلب على الخدمات الصحية وشكاوى الناس تارة من ضعفها وتارة من تأخر تقديمها وتارة من نقص في أسرّتها أو أدويتها وتارة من عيوب في التشخيص وتارة من طول انتظار أو عدم توفر مكان أو ما شابه ذلك من أمور تستدعي أن تتدخل سياسات الدولة لتوفير بدائل وخيارات تستطيع من خلالها تطوير هذه الخدمات والارتقاء بها .

ولعلّ من أهم الخيارات وأفضلها هو اللجوء إلى تطبيق التأمين الصحي على غير البحرينيين الذي هو قرار مؤجل تنفيذه منذ العقد الماضي حيث صدر في السابع من شهر مارس 2004 قرار من مجلس الوزراء يتضمن الموافقة على توصيات اللجنة الوزارية للشئون المالية والاقتصادية بشأن مشروع التأمين الصحي على غير البحرينيين وتكليف وزارة الصحة لوضع الخطة التنفيذية اللازمة لتطبيق هذا المشروع على غير البحرينيين . وذلك من أجل استهداف خفض التكاليف التي تستنزفها الخدمات الصحية من ميزانية الدولة وكذلك تخفيف الضغط عليها وبالتالي تجويدها بالنظر إلى الضغط المتزايد على هذه الخدمات فضلاً عما يبديه المواطنون والمقيمون على حدّ سواء في كثير من الأحيان من عدم رضا أو استياء تجاه الخدمات الصحية المقدّمة في المستشفيات أو المراكز الصحية .

ثم أعقب هذا القرار صدور قرار وزاري آخر بتاريخ 17 نوفمبر 2004م ،  بتشكيل لجنة تأسيسية لمشروع نظام الضمان الصحي لغير البحرينيين يتضمن بالإضافة إلى تشكيل أعضاء اللجنة مهام محددة  ، منها : دراسة الوضع الحالي ومراجعة كافة الدراسات المقدمة من قبل القطاعين العام والخاص في هذا الخصوص ، والقوانين والتشريعات ذات العلاقة بالضمان الصحي .ثم وضع خطة متكاملة لتنفيذ النظام ، تشمل النواحي الصحية والإدارية والفنية والقانونية وتحديد مستوى الخدمات العلاجية والآثار المستقبلية التي تترتب على تطبيق النظام .وبعد ذلك وضع خطة تفصيلية تحدد بها المهام والتواريخ على ضوء ذلك .

الآن ونحن نتكلم في عام 2013م ، أي بعد مرور هذه التسع سنوات دون أن يرى هذا المشروع النور ، وذلك في الوقت الذي يتطلع فيه المواطنون إلى القفز بمشروع آخر يخدمهم بصورة أفضل ، وهو التأمين الصحي لهم في ظل وجود شركات تأمين تتنافس على تقديم هذه الخدمة وكذلك دول بدأت في تطبيقه على مواطنيها ، تدفع عنهم أقساط التأمين ويتحصلوا على خدمات صحية راقية تخفف من الضغط على الخدمات الحكومية .

سانحة :

جاء في رائعة ابن المقفع المعروفة ( كليلة ودمنة ) : زعموا أن ثعلبا أتى أجمة ( أَجَمَة : مكان فيه شـجر صغير وكثيف وملتف )  فيها ” طبل ” معلق على شجرة ، وكلما هبّت الريح على قضبان تلك الشجرة حركتها فضربت الطبل فسُمع له صوت عظيم باهر. فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته. فلما أتاه وجده ضخماً ، فظنّ في نفسه بكثرة الشحم واللحم فيه . فعالجه حتى شقّه. فلما رآه أجوف لا شيء فيه قال : ” لا أدري لعل أفشل ( أضعف ) الأشياء أجهرها صوتا “.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s