يقولون في أمثالنا الشعبية : ” الناس في زلزلة والعروس تبي رَيِل ” وهو تعبير بليغ يُقال عندما تتعقد الأمور وتتأزم وتتصاعد وتيرتها فيأتي من يقول كلاماً أو يقوم بأعمال ليس في وقتها ولاتتناسب في مكانها وزمانها مع تلك الأمور ، ويكون الاهتمام بها مدعاة للاستغراب أو الاستهجان .
ولذلك ربما يصلح استدعاء هذا المثل الشعبي البليغ في وقتنا الحاضر حيث تدق طبول الحرب بكل قوة حوالينا في الشرق الأوسط ، وتتحول العديد من العواصم والمدن ودوائر القرار الأمريكية والأوروبية إلى غرف عمليات حرب ، ويبلغ عدد الدول التي حشدها الأمريكان لتحالفه من أجل ضرب سوريا حوالي (25) دولة حتى الآن ، ويقول الرجل البريطاني المعروف توني بلير : حان الآن وقت العمل في الشرق الأوسط .
وبينما تمتلأ البحار والمحيطات من حولنا بالسفن والبوارج ومختلف المعدات الحربية تحسباً لانطلاقة بدء الهجوم ، وتتوقف الملاحة في بعض الموانيء ، ويعرب كثيرون عن مخاوف حقيقية من أن هذه الضربة المتوقعة لسوريا لها أهداف ومرامي أخرى لاتتعلق بحماية أرواح إخواننا السوريين أو الانتقام والثأر لمقتلهم بدم بارد بالأسلحة الكيماوية في الغوطة الشهر الماضي ولا بسبب شلال الدم المستمر منذ أكثر من سنتين في تلك البقاع العزيزة من وطن الإسلام والمسلمين وراح ضحيته عشرات الآلاف من الأرواح الزكية ، وليس لأية أهداف تتعلق بمصلحة أو سواد عيون الشعوب العربية والإسلامية التي تتطلع للخلاص من جزار سوريا وطاغيتها .
وبينما يعلن القادة والساسة عن خطط وتحولات وتغييرات في المنطقة ربما تنتج عن هذه الحرب التي يجري الحشد لها ، مثلما قال وزير الدفاع الإسرائيلى موشية يعالون” أن المنطقة ستشهد تغيراً استراتيجياً “. وبينما نسمع أو نقرأ من هنا أو هنالك تهديدات بنقل الصراع أو التدمير أو الانتقام في حال ضرب سوريا تصل إلى حدّ التلويح بحرق المنطقة برمّتها .
بينما يدور كل ذلك ، ويترقب العالم حدوثه وترتفع أكفّ الضراعة لحفظ بلداننا وشعوبنا مما يُحاك لها ويُدبّر بليل؛ تأسف حينما تلاحظ أو تكتشف انشغال الناس بأمور أخرى ، ربما يجري – بقصد أو دونه- إلهاءهم بها وصرف أنظارهم بتوافه الأشياء وصِغار الأمور وسخافاتها مما صار قدر الشعوب الانشغال والاشتغال بها عن مستقبلهم ومستقبل بلدانهم وأجيالهم والحيلولة بينهم وبين أن يروا ما هو أبعد من محلّ أقدامهم ومنعهم رؤية الآفاق والانطلاق فيها حتى وإن كان الخطْب المرتقب جلًلاً وكبيراً فيكون حالنا بسبب أدوات الغفلة والتشتيت والحمقى والسفهاء والصفقاء وقصِار النظر كمن ينطبق عليه المثل الشعبي الشهير الذي ذكرته في بداية المقال .